باب ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية والظروف بعد النهي 1
بطاقات دعوية
عن جابر - رضى الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الظروف، فقالت الأنصار: إنه لا بد لنا منها. قال: "فلا إذا".
الإسلامُ دينٌ عظيمٌ يراعي أحوالَ النَّاسِ بما لا ينافي مقاصِدَ الشَّرعِ، فيراعي الانتفاعَ ببعضِ الأشياءِ الضَّروريَّةِ للنَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يروي جابِرُ بنُ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن الظُّروفِ، والمقصودُ بها: الأوعيةُ والآنيةُ الَّتي كانت تُصنَعُ مِن الخشَبِ، أو الموادِّ الَّتي تُساعِدُ على سُرعةِ تَخمُّرِ الشَّرابِ فيها، والشَّرابُ المقصودُ هو الثَّمرُ الَّذي كانوا يَنْقَعونه في الماءِ؛ كالتَّمرِ، والشَّعيرِ، وما إلى ذلك، ونَهيُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء سَدًّا للذَّريعةِ؛ لئلَّا يقَعَ الإسكارُ؛ لكونِ هذه الأوعيةِ تُساعدُ عليه، فيَصيرُ الشَّرابُ خمْرًا وهمْ لا يَظُنُّون ذلك، فيقَعون فيما نَهى اللهُ عنه، ولَمَّا قالت الأنصارُ له: إنَّه لا بُدَّ منها، أي: إنَّها من ضروريَّاتِ حياتِهم، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «فلا إذنْ»، أي: إذا كان لا بُدَّ لكمْ منها، فلا تَدَعُوها، وقد جاء في أحاديثَ أُخرى إباحةُ حِفظِ هذه الأشربةِ في أنواعِ الأوعيةِ كافَّةً، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ بُرَيدَةَ رَضي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ؛ فَاشْرَبوا فِي الْأَسْقِيةِ كُلِّها، ولا تَشْرَبوا مُسْكِرًا».
وهذا يُبيِّنُ أنَّ نهْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان خَوفًا مِن تَخمُّرِ الشَّرابِ في هذه الأوعيةِ، فإذا أُمِنَ ذلك، فلا بَأسَ في الشُّربِ في أيٍّ منها ما دامَ لم يَتخمَّرِ الشَّرابِ ويَصِرْ مُسكِرًا.