باب تفسير العرايا
حدثنا هناد بن السرى عن عبدة عن ابن إسحاق قال العرايا أن يهب الرجل للرجل النخلات فيشق عليه أن يقوم عليها فيبيعها بمثل خرصها.
( فَيَشُقُّ عَلَيْهِ ) : أَيْ عَلَى الْوَاهِبِ ( أَنْ يَقُومَ ) : أَيِ الْمَوْهُوبُ لَهُ ( بِمِثْلِ خَرْصِهَا ) : أَيْ قَدْرِ مَا عَلَيْهَا مِنَ التَّمْرِ
وَتَفْسِيرُ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ . وَقَالَ مَالِكٌ : الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَيْ يَهَبَهَا لَهُ أَوْ يَهَبُ لَهُ ثَمَرَهَا ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ وَيُرَخِّصَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ رُطَبَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ يَابِسٍ ، هَكَذَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مَالِكٍ ، وَوَصَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ . وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ لِلرَّجُلِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ : أَنَا أُعْطِيكَ بِخَرْصِ نَخْلَتِكَ تَمْرًا ، فَيُرَخِّصُ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَشَرْطُ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ التَّضَرُّرِ مِنِ الْمَالِكِ بِدُخُولِ غَيْرِهِ إِلَى حَائِطِهِ أَوْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْآخَرِ لِقِيَامِ صَاحِبِ النَّخْلِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ : إِنَّ الْعَرَايَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلَةِ بِخَرْصِهِ مِنَ الثَّمَرِ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْحَالِ ، وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ مُؤَجَّلًا . كَذَا فِي النَّيْلِ وَفِي اللُّمَعَاتِ . وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، أَنَّهُ أَنْ يَهَبَ ثَمَرَةَ نَخْلِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ تَرَدُّدُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِلَى بُسْتَانِهِ وَكَرِهَ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ فَيَدْفَعُ إِلَيْهِ بَدَلَهَا تَمْرًا وَهُوَ صُورَةُ بَيْعٍ انْتَهَى . وَبَسَطَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَايَا الْكَلَامَ . فَعَلَيْكَ بِفَتْحِ الْبَارِي فَإِنَّ فَتْحَ الْبَارِي مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعُلَمَاءِ