باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أسلم، سالمها الله وغفار، غفر الله لها
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقرب إلى الله بالدعاء على كل حال، ومن ذلك دعاء القنوت الذي يدعو به في صلاته
وفي هذا الحديث يخبر خفاف بن إيماء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع في صلاته، فلما رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة -كما في رواية أحمد- وقبل أن ينزل للسجود وقف للدعاء، وكان مما قال في دعائه، أنه دعا لقبيلة غفار وقبيلة أسلم، وهما من القبائل العربية، فقال في غفار: «غفر الله لها»، يدعو أن يغفر الله لغفار ما كان من أفعال شائنة في الجاهلية، وقال في أسلم: «سالمها الله»، يدعو أن يسالمها الله تعالى، ولا يأمر بحربها، ويحتمل أن يكون إخبارا بأن الله تعالى غفر لقبيلة غفار، وأنه سالم قبيلة أسلم ومنع من حربها
وقال في قبيلة عصية: إنهم «عصوا الله ورسوله»؛ لأنهم عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه إشعار بإظهار الشكوى منهم، وهي تستلزم الدعاء عليهم بالخذلان لعصيانهم لا الدعاء بالعصيان
ثم دعا على أحياء من قبيلة بني سليم فقال: «اللهم العن بني لحيان، والعن رعلا وذكوان»؛ وذلك لأنهم عصوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وغدروا بأصحابه الكرام، فقد قتلوا القراء الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليعلموهم دينهم، ثم بعد أن أنهى دعاءه خر ساجدا.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء عليهم لما نزل قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128]، كما ورد في الصحيحين، والآية كانت علامة للنبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل قد يهدي هؤلاء إلى الإسلام
ولم يكن دأب النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء على المشركين في كل حال؛ بل كان صلى الله عليه وسلم في غاية الرحمة بهم، والإشفاق عليهم، ولكن كان صلى الله عليه وسلم تارة يدعو عليهم حين تشتد شوكتهم، ويكثر أذاهم، ويدعو لهم بالهداية حيث تؤمن غائلتهم، ويرجى تألفهم ودخولهم في الإسلام
قال خفاف رضي الله عنه: «فجعلت لعنة الكفرة من أجل ذلك»، أي: أخذ الدعاء على الكفار وأصبح مشروعا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولعنه لأولئك القبائل الكفرة، فإذا اعتدوا على المسلمين ينبغي الدعاء عليهم؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم
وفي الحديث: فضل ومنقبة لكل من أسلم وغفار