باب دية جنين المرأة 5
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر - وذكر كلمة معناها - فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم، فقال حمل بن مالك بن النابغة الهذلي: يا رسول الله، كيف أغرم من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهل، فمثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع»
نَهى الإسلامُ عن كلِّ ضررٍ يؤذي به مسلمٌ أخاه المسلِمَ، وكذلك نهَى عن كلِّ الأسبابِ الَّتي قد تُوقِعُ الضَّررَ بالمسلِمين
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ بُريدةُ بنُ الحُصيبِ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ امرأةً حذَفَت" أو خَذَفَت "امرأةً"، أي: رمَتِ امرأةً أُخرى بحجَرٍ، "فأسقَطَت"، أي: فأنزلَت وأخرجَت ما في بَطنِها مِن مَولودٍ على إثرِ هذا الرَّميِ، "فجعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في ولَدِها"، أي: حكَم في دِيَتِه، "خَمسين شاةً؛ هكذا ورَد في نُسَخِ "المُجتَبَى" بلَفظِ: "خَمْسينَ شاةً"، والَّذي في السُّننِ "الكُبْرى": "خَمْسمائةِ شاةٍ"، وهو الَّذي في "سُننِ أبي داودَ"، وعَلَّق النَّسائيُّ وأبو داودَ على لَفْظِ: "خَمْس مئةِ شاةٍ" بأنَّه وهْمٌ وغلَطٌ، وقالا: إنَّ الصَّوابَ "مائةُ شاةٍ"؛ فيَكونُ لفظُ الخَمْسينَ والخَمْسِ مِئةِ مِن التَّصحيفِ، أو غلَطِ بعضِ الرُّواةِ، والصَّوابُ هو مِئةُ شاةٍ، كما ورَد في كلِّ الرِّواياتِ الصَّحيحةِ في الصَّحيحَينِ وغيرِهما أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قضَى للجنينِ بغُرَّةِ عَبدٍ أو أَمَةٍ، أو يكونُ حدَثَ الوهمُ في تمييزِ الخَمْسينَ والخَمْسِ مئةِ؛ فلَعلَّ المرادَ ليس مِن الغنَمِ والشِّياهِ، بل المقصودُ تقويمُ ذلك خَمْسينَ دِينارًا، أو خَمْسَ مِئةِ دِرْهمٍ؛ وذلك لأنَّ بعضَ الرِّواياتِ كانت تُسرَدُ سَردًا دونَ وضْعِ تمييزٍ، فيُذكَرُ فيها العبدُ والغُرَّةُ أو خَمْسون أو خَمْسُ مِئةٍ، ثمَّ في النِّهايةِ يُذكَرُ مائةُ شاةٍ، فلعلَّه توَهَّم أنَّ التَّمييزَ لهم جَميعًا، وأنَّه مُخيَّرٌ بينَ ما ذُكِر وأنَّها كلَّها مِن الشِّياهِ
"ونَهَى يَومَئذٍ عن الحَذف" أو الخَذْفِ، أي: نَهَى عن الرَّميِ بالحَصى، وهو أخْذُ الحَصَى الصَّغيرِ بينَ الإِصبَعين والرَّميُ بها، والخَذْفُ: حَجَرٌ في حجمِ أَنمُلَةِ الإِصبَعِ أو أقلَّ منه، وقد ثبَت النَّهيُ عن الخذْفِ بالحجارةِ الصَّغيرةِ وما يُشابِهُها في رواياتٍ أخرى؛ لأنَّه قد يَفقَأُ العينَ، ويُؤذي النَّاسَ، مع أنَّه لا يُمكِنُ الصَّيدُ برَميِه، ولا يؤثِّرُ في عدُوٍّ إذا ضُرِب به