باب رفع اليدين حذو فروع الأذنين عند الرفع من الركوع
سنن النسائي
أخبرنا إسمعيل بن مسعود، قال: حدثنا يزيد وهو ابن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن نصر بن عاصم أنه حدثهم، عن مالك بن الحويرث، أنه «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يحاذي بهما فروع أذنيه»
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم يَرقُبونَ صلاةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ ليقتَدوا بها، وليُعلِّموا مَن بعدَهم سُنَّتَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في صَلاتِه، وسائرِ شُؤونِه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ مالكُ بنُ الحُوَيرِثِ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّه رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رفَع يدَيْهِ في صلاتِه"، أي: عند تكبيرةِ الإحرامِ، "وإذا ركَع"، أي: وإذا أراد التَّكبيرَ للرُّكوعِ رفَع يدَيْهِ، "وإذا رفَع رأسَه"، أي: وإذا قام، "مِن الرُّكوعِ"، أي: كذلكَ يرفَعُ يدَيْهِ، "وإذا سجَد"، أي: وكذلكَ يرفَعُ يدَيْهِ إذا أراد التَّكبيرَ للسُّجودِ، "وإذا رفَع رأسَه مِن السُّجودِ"، وكذلك يَرفَعُ يدَيْهِ إذا قام مِن السُّجودِ، "حتَّى يُحاذيَ بهما"، أي: يكونَ مستوى رَفْعِ يدَيْهِ إلى "فُروعِ أُذُنَيْهِ"، أي: أعلى الأُذُنينِ، وقيل: بل شَحمَتُهما، والثَّابتُ عنه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه كان يُحاذي برَفْعِ يدَيْه المَنكِبَ وشَحْمَتَيِ الأُذُنِ
وقد وردَتْ أحاديثُ أخرى فيها نَفْيُ رَفْعِ اليدَيْنِ عند السُّجودِ والرَّفعِ منه، كما أخرَجَ البخاريُّ ومسلمٌ عن ابن عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَرفَعُ يديه حذوَ مَنكبيه إذا افتتَح الصَّلاةَ، وإذا كبَّر للرُّكوعِ، وإذا رفَع رأسَه مِن
الرُّكوعِ رَفَعَهما كذلك أيضًا، وقال: "سمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ"، وكان لا يَفعَلُ ذلك حين يَسجُدُ ولا حِينَ يَرفَعُ رأسَه مِن السُّجودِ"، وزاد في روايةٍ عند البخاريِّ: "وإذا قام مِن الَّركعتَينِ رفَع يَديهِ"، ولم يذكر فيه البخاريُّ ولا مُسلِمٌ الرَّفعَ عندَ السُّجودِ ولا عِندَ الرَّفعِ منه
وجُمِع بينَ أحاديثِ إثباتِ رفْعِ اليدينِ عند السُّجودِ وعندَ الرَّفعِ منه وبينَ أحاديثِ النَّفيِ: بأنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان ربَّما فعَل ذلكَ أحيانًا؛ فيكون مشروعًا، ولكنْ أغلبُ أحوالِه أنَّه لم يَكُنْ يَرفَعُ يديه عندَ السُّجودِ ولا عِندَ الرَّفعِ منه