باب: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي، حدثنا أبو هلال، عن ابن سيرين
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" (1)
حَثَّ الإسلامُ على احترامِ الأعراضِ والدِّماءِ، ودَعا المُسلِمين إلى الأُخُوَّةِ والتَّراحُمِ وعدَمِ انتهاكِ حُرماتِ بَعضِهم البعضِ.وفي هذا الحديثِ يَنْهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن سَبِّ المسلمِ أخاهُ المسلمَ وشَتْمِه، ويُوضِّحُ أنَّ التَّكلُّمَ في عِرضِه بما يَعيبه يُعدُّ فُسوقًا، وهو الخُروجٌ عنِ طَّاعةِ للهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بارتكابِ ما نهَيَا عنه، وهو في عُرفِ الشَّرعِ أشدُّ مِن العِصيانِ، «وقِتالُه كُفرٌ» وليس المُرادُ بالكُفرِ هنا حقيقتَه الَّتي هي الخُروجُ عنِ المِلَّةِ، وإنَّما أُطلِقَ عليه لَفظُ الكُفرِ مُبالَغةً في التَّحذيرِ؛ لِيَنزجِرَ السَّامعُ عن الإقدامِ عليه، أو أنَّه على سَبيلِ التَّشبيهِ؛ لأنَّ ذلك فِعلُ الكافرِ. وقدْ يُحمَلُ على الكُفْرِ على الحقيقةِ إنِ استَحلَّ ذلك.وفي أصلِ الرِّاويةِ عندَ البُخاريِّ أنَّ التابعيَّ أبا وائلٍ شَقيقَ بنَ سَلَمةَ سَأَلَ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه عن المُرجئةِ، مِن الإرجاءِ، وهو التَّأخيرُ، وهم فِرقةٌ يَقولون: لا يضُرُّ مع الإيمانِ مَعصيةٌ، ويَزعُمون أنَّ مُرتكِبَ الكبيرةِ غيرُ فاسقٍ، فرَوى ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه هذا الحديثَ، والذي فيه إثباتُ ضَرَرِ المَعصيةِ، وأنَّها تُؤثِّرُ في إيمانِ صاحِبِها.وفي الحديثِ: أنَّ بَعضَ الأعمالِ تُسمَّى كُفْرًا؛ فدَلَّ على أنَّ بعضَها يُسمَّى إيمانًا.