باب صفة الدجال وخروجه وحديث الجساسة 2
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس من بلد إلا سيطؤه
الدجال إلا مكة والمدينة وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها فينزل بالسبخة فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج إليه منها كل كافر ومنافق. (م 8/ 206)
لم يَترُكِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيرًا إلَّا دَلَّنا عليه، وما تَرَكَ شرًّا إلَّا حَذَّرَنا منه، وإنَّ مِنَ الشَّرِّ المُستَطيرِ الَّذي حَذَّرَنا منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُروجَ المسيحِ الدَّجَّالِ، وخُروجُه مِنَ علاماتِ السَّاعةِ الكُبْرى
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ سَيَدخُلُ كلَّ بَلَدٍ ويَفتتِنُ به غيرُ المؤمنينَ، لكنَّه لنْ يَستطيعَ دُخولَ مكَّةَ والمدينةَ؛ إذ ليس هناك طَريقٌ أو فَجٌّ مِن فِجاجِهما إلَّا وعليه صُفوفٌ مِن الملائكةِ تَحرُسُه
والدَّجَّالُ مِنَ التَّدْجِيلِ، وهو التَّغطيةُ؛ سُمِّي به لأنَّه يُغطِّي الحَقَّ بباطِلِه، وهو شَخصٌ مِن بَني آدَمَ، يَبتَلي اللهُ به عِبادَه، وأَقْدَره على أشياءَ مِن مَقدوراتِ اللهِ تعالَى: مِن إحياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمْرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أنْ تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلك بقُدرةِ اللهِ تعالَى ومَشيئتِه
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المدينةَ بعد ذلك تَتَزلزَلُ ثَلاثَ مرَّاتٍ، وفي المرَّةِ الثَّالثةِ يُخرِجُ اللهُ منها كُلَّ كافرٍ ومُنافِقٍ غيرِ مُخلِصٍ في إيمانِه، ويَبْقَى بها المؤمنُ المُخلِصُ فقطْ، فلا يُسلَّطُ عليه الدَّجَّالُ
وهذا الحديثُ لا يُعارِضُه ما في حَديثِ أبي بَكرةَ نُفيعِ بنِ الحارثِ رَضيَ اللهُ عنه -الذي في صَحيحِ البُخاريِّ- أنَّه لا يَدخُلُ المدينةَ رُعْبُ الدَّجَّالِ؛ لأنَّ المُرادَ بالرُّعبِ ما يَحصُلُ مِن الفزَعِ مِن ذِكرِه والخوفِ مِن عُتوِّه، لا الرَّجفةُ التي تَقَعُ بالزَّلزلةِ لإخراجِ مَن ليس بمُخلِصٍ
وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفيه: بَيانُ فضْلِ المدينةِ ومكَّةَ، وفضْلِ أهلِهما المُؤمِنين الخالِصينَ