باب صفة السجود
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثنا ابن وهب، حدثنا الليث، عن دراج، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سجد أحدكم، فلا يفترش يديه افتراش الكلب، وليضم فخذيه»
( عن ابن حجيرة ) : بضم الحاء المهملة وفتح الجيم اسمه عبد الرحمن أبو عبد الله الخولاني قاضي مصر وثقه النسائي ( وليضم فخذيه ) : فيه أن المصلي يضم فخذيه في السجود لكنه معارض بحديث أبي حميد في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه " رواه المؤلف
وقوله فرج بين فخذيه أي فرق بينهما
قال الشوكاني حديث أبي حميد هذا : والحديث يدل على مشروعية التفريج بين الفخذين في السجود ورفع البطن عنهما ولا خلاف في ذلك انتهى
وأحاديث الباب تدل على أن للمصلي أن يفرج بين يديه في السجود ويباعدهما عن جبينه ولا يفترشهما على الأرض
قال القرطبي : الحكمة في استحباب هذه الهيئة في السجود أنه يخف بها اعتماده عن وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته ولا يتأذى بملاقاة الأرض
وقال غيره هو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان
وقال ناصر الدين بن المنير في الحاشية : الحكمة فيه أن يظهر كل عضو بنفسه ويتميز حتى يكون الإنسان الواحد في سجوده كأنه عدد , ومقتضى هذا أن يستقل كل عضو بنفسه ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض في سجوده , وهذا ضد ما ورد في الصفوف من التصاق بعضهم ببعض لأن المقصود هناك إظهار الاتحاد بين المصلين حتى كأنهم جسد واحد
كذا ذكره الحافظ في الفتح وظاهر الأحاديث يدل على وجوب التفريج المذكور , لكن حديث أبي هريرة الآتي في باب الرخصة في ذلك يدل على أنه للاستحباب