باب غزوة الحديبية، وقول الله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} 14
بطاقات دعوية
عن نافع قال: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر، وليس كذلك، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتى به؛ ليقاتل عليه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدرى بذلك، فبايعه عبد الله، ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر، وعمر يستلئم (115) للقتال، فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهى التى يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر.
الصَّحابةُ الَّذين بايَعوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الحُدَيْبيَةِ لهمْ أجْرٌ عَظيمٌ، ورِضْوانٌ منَ اللهِ؛ فقدْ نزَلَ القُرآنُ مُثْنيًا عليهم، ومُبشِّرًا لهم برِضا الحقِّ سُبحانَه عنهم، قال تعالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ نافِعٌ مَوْلى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أنَّ النَّاسَ يَتحَدَّثونَ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أسلَمَ قبْلَ أبيهِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، ولكنَّ حَقيقةَ الأمرِ لَيست كما يَتحدَّثُ النَّاسُ؛ فإنَّ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه يَومَ الحُدَيْبيَةِ في العامِ السَّادِسِ منَ الهِجْرةِ -والحُدَيْبيَةُ مِنطَقةٌ تَبعُدُ عن مكَّةَ 35 كيلومترًا تَقْريبًا- أرسَلَ ابنَه عبدَ اللَّهِ إلى فَرَسٍ له عندَ رَجلٍ مِنَ الأنْصارِ يَأْتي به؛ ليُقاتِلَ عليه، وفي هذا الوَقتِ كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبايِعُ النَّاسَ عندَ الشَّجَرةِ، وعُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه لا يَدْري بذلك، فبايَعَ عَبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ ذهَبَ إلى الفَرَسِ، فجاء به إلى عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، وعُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه يَستَلئِمُ، أي: يَلبَسُ لَأْمَتَه، أي: دِرعَه ولِباسَ الحَربِ للقِتالِ، فأخبَرَهُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبايِعُ تحتَ الشَّجَرةِ، فأسرَعَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعَه ابنُه عبدُ اللهِ، فبايَعَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخبَرَ نافعٌ أنَّ تلك القِصَّةَ هي الَّتي كانت سَببًا في أنْ يَتحدَّثَ النَّاسُ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أسْلَمَ قبْلَ أبيهِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، وجَعَلوا الإسْلامَ مَكانَ البَيْعةِ؛ فقدْ كان إسْلامُ عُمَرَ قَديمًا، وقدْ كان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ صَغيرًا في أوَّلِ الإسْلامِ وقبْلَ الهِجْرةِ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ وابنِه عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما بشُهودِهما بَيْعةَ الرِّضْوانِ.
وفيه: تَصويبُ العُلماءِ ما يَقَعُ فيه النَّاسُ مِن أخطاءٍ.