باب فضل الزهدفي الدنيا 22

بطاقات دعوية

باب فضل الزهدفي الدنيا 22

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( قمت على باب الجنة ، فكان عامة من دخلها المساكين ، وأصحاب الجد محبوسون ، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار )) متفق عليه .

و(( الجد )) : الحظ والغنى . وقد سبق بيان هذا الحديث في باب فضل الضعفة.

النبي صلى الله عليه وسلم أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا؛ فكان يعلم أمته ويبشرها ويحذرها، فما من خير إلا دلنا عليه، وما من شر إلا وحذرنا منه، فبين لنا الأعمال التي تدخلنا الجنة، وحذرنا من الأعمال التي تدخلنا النار
وفي هذا الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «قمت على باب الجنة» وذلك إما حين أسري به، أو كان ذلك مناما، أو كوشف يقظة، «فكان عامة» أي: أكثر «من دخلها المساكين»؛ وذلك ليسر حسابهم وسهولته، أو لأن الغالب على الفقراء أنهم أقرب إلى الله تعالى من الأغنياء في العبادة، ورأى صلى الله عليه وسلم أصحاب الجد -أي: أصحاب الحظ من الأموال، أو المناصب، أو غير ذلك من الحظوظ الدنيوية الفانية- محبوسين لم يؤذن لهم بعد في دخول الجنة، فهم ممنوعون من دخولها حتى يحاسبوا على أموالهم وحظوظهم من الدنيا، وتوسيع جاههم، وتمتعهم على وفق شهوات النفس والهوى؛ فإن حلال الدنيا له حساب، ولحرامها عقاب، وهم إما أن يعفى عنهم فيدخلوا الجنة، أو يعذبوا ثم يكون مصيرهم إلى الجنة، وكأن ذلك الحبس عند القنطرة التي يتقاصون فيها بعد الجواز على الصراط، ثم أخبر صلى الله عليه وسلم «أن أصحاب النار» الذين استحقوا دخولها بكفرهم أو معاصيهم، «قد أمر بهم إلى النار»، فالناس في هذا الموضع ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: فأهل النار دخلوا النار، وهم الكفار الذي يساقون إلى النار، والفقراء من المؤمنين دخلوا الجنة، فهم السابقون إلى الجنة لفقرهم، والأغنياء من المؤمنين موقوفون محبوسون إلى أن يشاء الله للحساب، فالفقراء أسرع حسابا من الأغنياء
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أنه وقف على باب النار، فوجد أن أكثر «من دخلها النساء»؛ وذلك لأنهن يكثرن اللعن، ويكفرن العشير -وهو الزوج- كما في الحديث المتفق عليه، وبهن تحصل الفتنة العظيمة، وإذا أعطين لم يشكرن، وإذا وقعن في محنة لم يصبرن، ولكثرة ميلهن إلى الدنيا
وفي الحديث: بشرى للمساكين العابدين بدخولهم الجنة قبل غيرهم.
وفيه: تحذير الأغنياء حتى يحسنوا في أموالهم؛ لأنهم يوم القيامة موقوفون ومحبوسون حتى يحاسبوا على حظوظهم من الدنيا.
وفيه: تحذير للنساء حتى يحسن أعمالهن ويبتعدن عما يقعن فيه من الشر الذي سيكون سببا في دخولهن النار.
وفيه: أن الذين يؤدون حقوق المال، ويسلمون من فتنته؛ هم الأقلون، وأن الكفار يدخلون النار ولا يحبسون عنها.