باب فضل الصدقة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عيسى بن حماد المصري، أخبرنا الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن سعيد بن يسار
أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، ويربيها (1) كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله" (2).
في هذا الحَديثِ يُرغِّبُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّدَقاتِ وإنْ كانتْ بأقَلِّ القليلِ، فيُخبِرُ أنَّ مَن تَصدَّقَ بقِيمةِ تَمرةٍ مِن كَسْبٍ طيِّبٍ حَلالٍ -ولا يقبَلُ اللهُ إلَّا الكسْبَ الحلالَ- فإنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالَى يَتقبَّلُها بيَمينِه كَرامةً لها، وكِلْتَا يَدَيْه تعالَى يَمِينٌ مُبارَكةٌ، ثمَّ يُنَمِّيها ويُضاعِفُ أجرَها لِتَثقُلَ في ميزانِ صاحبِها، كما يُربِّي المرءُ مُهْرَه الصَّغيرَ مِن الخَيْلِ الَّذي يَحتاجُ للرِّعايةِ والتَّربيَةِ، حتَّى تَكونَ تلك الصَّدقةُ مِثلَ الجبَلِ حَجْمًا وثِقَلًا يومَ القِيامةِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الصَّدقةَ لا تُقبَلُ عندَ اللهِ تعالَى إلَّا إذا كانت طيِّبةً؛ بأن تَكونَ خالصةً لله، ومِن كسْبٍ حلالٍ.
وفيه: أنَّ الصَّدقةَ لا تُقوَّمُ بحَجمِها، وإنَّما تُقوَّمُ بإخلاصِ صاحِبِها، وبالمالِ الَّذي خرَجَتْ منه، حلالًا كان أو حرامًا.
وفيه: أنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ تُحَوَّلُ يومَ القِيامةِ إلى أجرامٍ مادِّيَّةٍ، لها صُورةٌ وحجمٌ ووَزْنٌ، فتوضَعُ في مِيزانِ العبدِ، وتُوزَنُ في كِفَّةِ حسناتِه.