باب فى البول فى المستحم
بطاقات دعوية
حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، عن داود بن عبد الله، عن حميد الحميري وهو ابن عبد الرحمن، قال: لقيت رجلا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله»
في هذا الحديث يقول حميد بن عبد الرحمن من التابعين: "لقيت رجلا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة رضي الله عنه أربع سنين"، وفي هذا بيان لشدة صحبته وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم"، أي: يسرح شعره، قيل: وهذا النهي لمن يقصد بالتمشط الترفه والتنعم، لا الذي بقصد التنظف.
"أو يبول في مغتسله"، أي: ونهى عن البول في موضع اغتساله؛ وذلك منعا أن يصيبه البول، أو يقف عليه ويظل فيه، وفسر في رواية أخرى أخرجها النسائي، وفيها: "فإن عامة الوسواس منه"، أي: حتى لا يصيبه الوسواس بعدم التطهر من البول الواقع في مكان الغسل؛ فيتشكك في طهارته وعبادته، "أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل"، وكذلك نهى عن هذا الفعل، والمراد بالفضل: هو الماء الذي استعمل في الغسل وبقي، لا الذي بقي في الإناء ولم يستخدم بعد، "وليغترفا جميعا"، أي: يأخذ كل واحد حقه من الماء ويقتسماه، لا أن يستأثر أحدهما بالماء عن الآخر؛ فما بقي منه فللآخر، سواء كانا معا عند غسلهما، أو كان كل واحد منهما على حدة، والمراد بالغرفة: الأخذ من الماء مرة بعد مرة. وقيل: إن هذا النهي محمول على التنزيه؛ لما ثبت أن من تطهره صلى الله عليه وسلم بفضل بعض أزواجه، وتطهره معهن، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، وفيه: "اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ منها أو يغتسل، فقالت له: يا رسول الله، إني كنت جنبا، فقال: "إن الماء لا يجنب"، وأخرج النسائي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، يبادرني وأبادره، حتى يقول: "دعي لي"، وأقول أنا: دع لي؛ فدلت هذه الأحاديث وفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته على أن المقصود بالماء المنهي عنه هو الماء المتساقط الذي استعمل في الغسل، وأنه لا مانع من اغتسال الزوجين معا، سواء كانا جنبين أم لا، وسواء اغتسلا معا في وقت واحد ومن إناء واحد وبماء واحد، أم اغتسل الواحد منهما بعد الآخر بالماء الطاهر النظيف المتبقي في الإناء والفاضل من غسل الأول منهما؛ وبهذا أجيب عن أحاديث النهي
وفي الحديث: النهي عن الترفه الزائد الذي يخرج الرجل عن حدود اللياقة والرجولة
وفيه: النهي عن تنجيس محل الطهارة