باب فى الرجل يعترف بحد ولا يسميه
حدثنا محمود بن خالد حدثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعى قال حدثنى أبو عمار حدثنى أبو أمامة أن رجلا أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إنى أصبت حدا فأقمه على.
قال « توضأت حين أقبلت ». قال نعم. قال « هل صليت معنا حين صلينا ». قال نعم. قال « اذهب فإن الله تعالى قد عفا عنك ».
أي لا يبينه أي حد هو مثلا أن يقول إني أصبت حدا لو وجب علي حد أو نحو ذلك من غير أن يصرح باسم ذلك الحد
( حدثني أبو أمامة ) : هو صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه ( أن رجلا ) : هو أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري كما سيظهر لك في كلام المنذري ( إني أصبت حدا ) : قال العلماء : هذا الرجل لم يفصح بما يوجب الحد ولعله كان بعض الصغائر فظن بأنه يوجب الحد عليه ، فلم يكشفه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى التعرض عنه لإقامة الحد عليه توبة ، وفيه ما يضاهي قوله تعالى : إن الحسنات يذهبن السيئات في قوله صليت معنا .
ولفظ رواية البخاري أليس قد صليت معنا ، قاله السيوطي ( توضأت ) : بحذف حرف الاستفهام ( حين أقبلت ) : أي إلي ( قال ) : ذلك الرجل ( نعم ) : أي توضأت حين أقبلت ( فإن الله قد عفا عنك ) : أي لأن الحسنات يذهبن السيئات
قال القسطلاني : ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم اطلع بالوحي على أن الله تعالى قد غفر له لكونها واقعة عين ، وإلا لكان يستفسره عن الحد ويقيم عليه قاله الخطابي .
وجزم النووي وجماعة أن الذنب الذي فعله كان من الصغائر بدليل قوله : إنه كفرته الصلاة بناءا على أن الذي تكفره الصلاة من الذنوب الصغائر لا الكبائر انتهى .
قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي مختصرا ومطولا ، وقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود ، وسيأتي في الجزء الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى وهذا الرجل هو أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري السلمي ، قيل يحتمل أن يكون ذكر الحد هاهنا عبارة عن الذنب لا على حقيقة ما فيه حد من الكبائر إذ أجمع العلماء أن التوبة لا تسقط حدا من حدود الله إلا المحاربة فلما لم يحده النبي صلى الله عليه وسلم دل على أنه كان مما لا حد فيه لأن الصلاة إنما تكفر غير الكبائر ، وقيل هو على وجهه وإنما لم يحده لأنه لم يفسر الحد فيما لزمه فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستفسره لئلا يجب عليه الحد . قالوا وفيه حجة على ترك الاستفسار وأنه لا يلزم الإمام إذا كان محتملا ، بل قد نبه النبي صلى الله عليه وسلم المقر في غير هذا الحديث على الرجوع بقوله صلى الله عليه وسلم لعلك لمست أو قبلت مبالغة في الستر على المسلمين انتهى كلام المنذري