باب فى الطيرة
حدثنا الحسن بن يحيى حدثنا بشر بن عمر عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس بن مالك قال قال رجل يا رسول الله إنا كنا فى دار كثير فيها عددنا وكثير فيها أموالنا فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « ذروها ذميمة ».
قد يستثقل الإنسان دارا، ويستوحش المكث فيها؛ إما لضيقها أو سوء جارها، أو فساد هوائها؛ لأن صحة الأبدان في استصلاح الهواء، وفي هذا الحديث: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، وفي هذا إشارة إلى بركة هذا المكان. قال: فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحول عنها وتركها، وقال لهم: ذروها ذميمة، ذميمة أي: مذمومة، والمعنى: اتركوا الدار الثانية حال كونها مذمومة؛ لأن هواءها غير موافق لكم؛ لتتخلصوا من سوء الظن ورؤية البلاء، وإنما أمرهم بتركها وهم لها كارهون؛ لما وقع في نفوسهم من شؤمها، وليزول عنهم ما يجدونه من كراهيتها، وليس لأنها سبب فيما حدث لهم؛ فإن كل شيء بقدر الله ومشيئته، فصان بذلك اعتقادهم عن الباطل الذي قد يعلق به، ولتنقطع مادة ذلك الوهم، ويزول ما كان خامرهم من الشبهة فيها
وفي الحديث: بيان أن الشؤم قد يقع في الدار