باب فى اللقمة تسقط

باب فى اللقمة تسقط

 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث وقال « إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان ». وأمرنا أن نسلت الصحفة وقال « إن أحدكم لا يدرى فى أى طعامه يبارك له ».

كان النبي صلى الله عليه وسلم معلما ومربيا، وكان يهتم بتربية الناس وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، ومن ذلك تعليمهم الآداب التي ينبغي مراعاتها عند الطعام
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما وانتهى منه لحس أصابعه الثلاث، وهي الإبهام والمسبحة والوسطى، بلسانه وشفتيه قبل أن يمسحها بمنديل ونحوه لإزالة ما بقي عليها، أو قبل غسلها، وذلك محافظة على بركة الطعام؛ لأن المرء لا يعرف في أي طعامه تكون البركة، فلعلها تكون في الطعام الملتصق بالأصابع واليد، وقد خص الثلاث أصابع لما ورد في رواية أخرى عند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع
وبين أنس رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر إذا سقطت ووقعت من أحد لقمة على الأرض أن يأخذها ويرفعها من الأرض ويزيل عنها الأذى، وما يستقذر من تراب ونحوه، ثم ليأكلها، ولا يتركها للشيطان
وأمر صلى الله عليه وسلم أن «نسلت القصعة»، وهي الوعاء الذي يوضع فيه الطعام، والمعنى: أنه أمر أن نمسحها ونتتبع ما بقي فيها من الطعام ونأكله، والقصعة، هي التي يأكل عليها عشرة أنفس، والمراد بها هنا: مطلق الإناء الذي فيه الطعام؛ وذلك لأننا لا ندري في أي طعامنا «البركة»، وهي الزيادة وثبوت الخير والانتفاع به، والمراد بها هنا: ما يحصل به التغذية وتسلم عاقبته من أذى ويقوي على طاعة الله وغير ذلك.
وهذا من باب حفظ نعم الله سبحانه، وشكر مننه، وتقدير الخير الذي يسخره سبحانه وتعالى للناس، والطعام من أعظم هذه النعم؛ فبه حياة الإنسان وقوته، كما جعل فيه لذته؛ ولذلك أمر بالحمد بعد تناوله، والشكر على إحسانه به، يقول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [البقرة: 172].
وفي الحديث: بيان هديه صلى الله عليه وسلم في تناول الطعام
وفيه: أن من هديه صلى الله عليه وسلم لعق الأصابع بعد الطعام، وسلت القصعة قبل الانتهاء من الطعام
وفيه: أن من هديه صلى الله عليه وسلم أكل اللقمة الساقطة بعد مسح أذى يصيبها
وفيه: الحث على كسر النفس بالتواضع، وأخذ اللقمة الساقطة، وعدم تركها كما يفعله بعض المترفين؛ استكبارا
وفيه: التحذير من الشيطان
وفيه: ثبوت أكل الشيطان