باب في الإملاء للظالم
بطاقات دعوية
عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد). (م 8/ 19)
لا ينبغي لِلعبدِ أنْ يَغتَرَّ بحِلمِ اللهِ عليه؛ فقدْ يكونُ ما عليه مِنَ الأمنِ في المعصيةِ والظُّلمِ لِنفسهِ ولغيرِه، إنَّما هو استدراجٌ مِنَ اللهِ تعالَى له، حتَّى إذا سبَقَ الكتابُ أخَذَهُ اللهُ بما قدَّمَ مِن عَملٍ، فلا يَجِدُ له مِن دُونِه وَلِيًّا ولا نَصيرًا
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ التَّمادِي في الظُّلمِ، ويُعْلِمُنا أنَّ اللهَ تعالى يُملِي للظَّالمِ، ويُمهِلَ له حتَّى يَتمادَى في ظُلمِه -والعياذُ باللهِ- فلا يُعالِجُه العُقوبةَ، حتَّى إذا أخذَه لم يُفِلْتْه، أي: لم يُطلِقْه، ولم يَنفَلِتْ منه، ولا يُخَلِّصه؛ لكثرةِ مَظالِمه إنْ كان مُشركًا، أو لم يُخَلِّصه مُدَّةً طويلةً إنْ كان مُؤمنًا، ثُمَّ قرَأَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]، أي: ومِثلُ ذلك الأَخْذِ أخْذُ اللهِ الأُممَ السَّالفةَ في حالِ كونِها ظالمةً، وأخْذُه سبحانه وَجيعٌ صَعبٌ على المأخوذِ، وفي هذا تَحذيرٌ عظيمٌ مِن الظُّلْمِ -بالكُفرِ أو بغَيرِه- لِنفسِه أو لِغيرِه، وتحذيرٌ لكلِّ أهلِ قريةٍ ظالمةٍ
وفي الحَديثِ: تسليةٌ للمظلومِ في الحالِ، ووعيدٌ للظَّالمِ لئلَّا يغتَرَّ بالإمهالِ