باب في الاقتصاد في العبادة 10
بطاقات دعوية
وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله - رضي الله عنه - ، قال : آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما ، فقال له : كل فإني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم فقال له : نم . فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن ، فصليا جميعا فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، وإن لنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( صدق سلمان )) رواه البخاري .
طاعة الله عز وجل وذكره وحمده واستغفاره بقلوب مخلصة؛ مما يؤنس الروح والقلب، ويرزق النفس الطمأنينة، ويثقل موازين العبد بالحسنات، وينجي الله تعالى به صاحبه من الهم والغم، فيكشف ضره ويذهب غمه
وفي هذا الحديث يروي الصحابي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما خرج على حلقة لبعض الرجال في المسجد، فسألهم عن سبب جلستهم تلك، ولعل ذلك كان في غير وقت الصلاة، فأخبروه أنهم يجلسون لذكر الله تعالى، فطلب منهم أن يحلفوا أنهم ما أرادوا إلا ذلك، فحلفوا له، فقال: «ما أستحلفكم تهمة لكم» بالكذب؛ لأنه خلاف حسن الظن بالمؤمنين، لكن أردت المتابعة -أي: المشابهة- فيما وقع له صلى الله عليه وسلم مع الصحابة. «وما كان أحد بمنزلتي» أي: بمنزلة قربي «من رسول الله صلى الله عليه وسلم»؛ لكون أم حبيبة أخته زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه من كتبة الوحي، فحدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما من حجراته على أصحابه، فوجدهم تحلقوا في المسجد النبوي لذكر الله تعالى، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ما فعل معاوية رضي الله عنه مع أصحابه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولكنه أتاني جبريل» وهو الملك الموكل بالوحي، «فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة»، وأصل المباهاة المفاخرة، والمعنى: يظهر فضلكم لهم ويريهم حسن عملكم، ويثني عليكم عندهم؛ وذلك لعظم شأنهم؛ حيث أقبلوا عليه سبحانه وتعالى، فاستحقوا بذلك الثناء عليهم في الملأ الأعلى، كما في حديث الصحيحين: «وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»
وفي الحديث: فضل الاجتماع على ذكر الله سبحانه