باب في المنفق والممسك
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا؛ ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا
خزائن الله سبحانه لا تنفد، وقد حث عباده على الإنفاق وبذل الخير في وجوه البر، وعدم الإحصاء والمحاسبة لما أنفقوا، ووعدهم بالإخلاف بالخير، والجزاء بالأجر العظيم على الإنفاق في سبيله
وفي هذا الحديث يحث النبي صلى الله عليه وسلم على التصدق والإنفاق في وجوه الخير ويبين الجزاء الحسن لذلك، ويحذر من البخل والإمساك ويبين سوء عاقبته، فيخبر صلى الله عليه وسلم أنه ما من يوم يصبح العباد فيه إلى قيام الساعة إلا وينزل الله ملكين من ملائكته المكرمين في السماء، يدعو أحدهما بأن يعطي الله للمتصدق المنفق في وجوه الخير والبر خلفا وعوضا عما أنفقه وأعطاه، ويدعو الملك الآخر بأن يعطي الله للممسك البخيل تلف ماله أو نفسه، أو هلاكه وضياعه. ومعلوم أن دعاء الملائكة مجاب؛ فهذا وعد بالتيسير لمن ينفق في وجوه البر، ووعيد بالتعسير للبخيل الممسك
وقيل: الإنفاق الممدوح هو ما كان في الطاعات وعلى العيال والضيفان والتطوع، وكان عن طيب نفس، وطيب كسب، لكن الممسك عن المندوبات لا يستحق هذا الدعاء، إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه ولو أخرجه. وأيضا الدعاء للمنفق عام بأن يخلف الله عليه في الدنيا أو الآخرة، وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال، والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها
وفي الحديث: الحض على الإنفاق في الواجبات؛ كالنفقة على الأهل، وصلة الرحم، ويدخل فيه صدقة التطوع والفرض
وفيه: أن الممسك البخيل يستحق تلف ماله