باب في قبض العلم
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح (2) ويكثر الهرج قالوا وما الهرج قال القتل. (م 8/ 59)
لقدْ دلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه على كلِّ خيرٍ، وحَذَّرَهم مِن كلِّ شرٍّ، ومِن ذلك إخبارُه بعَلاماتِ السَّاعةِ التي تكونُ في آخِرِ الزَّمانِ؛ لأنَّ الإيمانَ بتَحقُّقَ صِدقِها مِن الإيمانِ بالغَيبِ، ومِن تَصديقِ اللهِ تعالَى ورَسولِه، ولِيَقْوَى إيمانُ مَن يُشاهِدَها ويَثبُتَ، ويُحسِنَ التَّعامُلَ معها
وفي هذا الحديثِ يُبَيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَعْضٍ مِن أشْراطِ السَّاعةِ، وأوَّلُها تَقارُبُ الزَّمانِ، معناه: قِصَرُ زَمانِ الأعمارِ وقِلَّةُ البَركةِ فيها، وقيل: هو دُنُوُّ زَمانِ السَّاعةِ، وقيل: هو أن تَقْصُرَ السُّنونَ والأَعْوامُ والشُّهورُ واللَّيالي والأَيَّامُ، فَتُصبِحَ السَّنةُ كالشَّهرِ، وثانيها: نُقصانُ العَمَلِ، أي: بالطَّاعاتِ لاشتغالِ النَّاسِ بالدُّنيا، وفي روايةِ مُسلمٍ: «ويُقبَضُ العِلمُ»، أي: يُنزَعَ العِلمُ مِن الأرضِ، وقد فُسِّر في بَعضِ الرِّواياتِ بأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لا يَنزِعُه مِن صُدورِ النَّاسِ، بل يَنزِعُه مِن الأرضِ بمَوتِ العُلماءِ. وثالِثُها: أن يُلْقى الشُّحُّ، أي: يَنتشِرَ البُخلُ الشَّديدُ عَلى اختِلافِ أنْواعِه، ويَتمكَّنَ مِن قُلوبِ النَّاسِ حَتَّى يَبخَلَ الغَنيُّ بِمالِه، ويَبخَلَ العالِمُ بِعِلمِه، ويَبخَلَ الصَّانِعُ بِصِناعتِه، ورابِعُها: أن تَظهَرَ الفِتَنُ، أي: تَتَكاثَرَ الأُمورُ الكَريهةُ الَّتي تَضُرُّ النَّاسَ في دِينِهم ودُنياهم؛ مِن الخيانةِ والظُّلمِ، والحَرائِقِ والزَّلازِلِ، وانْتِشار المَعاصي، وخامِسُها: أنْ يَكثُرَ الهَرْجُ، فسألوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الهَرجِ ما هو؟ فأخبرهم أنَّه القَتْلُ، فيَكثُرُ قَتْلُ النَّاسِ بَعضِهم لِبَعضٍ ظُلمًا وعُدوانًا؛ لِمُجَرَّدِ هَوى النَّفسِ وإشْباعِ رَغَباتِها الخَبيثةِ، أو استِجابةً لِبَعضِ الأفْكارِ والآراءِ الهَدَّامةِ الَّتي تَخْدُمُ أعْداءَهم وهُم لا يَشعُرونَ
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه: التحذيرُ مِنَ البُخلِ