باب في مسح الحصى في الصلاة
حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي الأحوص، شيخ من أهل المدينة، أنه سمع أبا ذر، يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فإن الرحمة تواجهه، فلا يمسح الحصى»
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تعلم هذا الدين بكل ما فيه، فكانوا إذا أشكل عليهم شيء، هرولوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يحل هذا الإشكال، أو يبين هذا المجمل أو يوضح الشيء الغامض
وفي هذا الحديث: أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى؛ وذلك في صلاته، كما في رواية أحمد، والمقصود بالمسح: تسويته كما جاء في الحديث الذي خرجه البخاري عن معيقيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال: "إن كنت فاعلا فواحدة"؛ وذلك لئلا يتأذى به، "فقال: واحدة"، أي: امسح مرة واحدة؛ حتى لا يتأذى الإنسان من هذا الحصى؛ فيصرف عن الخشوع في الصلاة، وقيل: لأنه ينافي التواضع، وجاء في حديث أبي ذر الذي خرجه أحمد أنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مسح الحصى، فقال: واحدة أو دع"، أي: امسح مرة واحدة أو اترك هذا الأمر، ثم قال له: "ولأن تمسك عنها"، أي: وإن تركت مسح هذا الحصى، فهو أفضل؛ لأن هذا الأمر قد يكون فيه شغل عن الصلاة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الإمساك عن مسح الحصى "خير من مئة ناقة، كلها سود الحدق"، والحدقة هي السواد المستدير في العين، وسوادها يدل على تمام صحة وعافية الناقة، وعبر بذلك ليدل على هذا الفضل العظيم الذي يحصل للإنسان الذي يعطي نفسه لصلاته ولا ينشغل عنها
وفي الحديث: الحث على الخشوع في الصلاة، وتنبيه على عظم ثواب ترك العبث فيها