باب كم مرة يسلم الرجل فى الاستئذان
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم فى هذا فقال عمر لأبى موسى أما إنى لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شأنها عظيم، وينبغي على الراوي التحرز والاحتياط من الوقوع في الخطأ أو الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن كذبا عليه ليس ككذب على أحد من الناس، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشدد في هذا الأمر ويحرج على الصحابة كثرة التحديث، وخاصة أمام من لا يفقه الحديث ولا يعلم أحواله وأسبابه وحكمه
وهذا الأثر جزء من حديث له قصة؛ وذلك- كما عند أبي داود- أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أتى باب عمر فاستأذن ثلاثا، فلم يؤذن له فرجع، فبعث إليه عمر، وسأله: ما ردك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يستأذن أحدكم ثلاثا، فإن أذن له وإلا فليرجع»، ولم يكن عمر قد سمع هذا من قبل، فقال لأبي موسى: «ائتني ببينة على هذا»، فجاء أبو سعيد الخدري وشهد مع أبي موسى بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم أتهمك" أي: لم أكذبك في روايتك، "ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: خفت أن يكذب الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولوا عنه ما لم يقله تساهلا دون تحرز، وفي هذا تعليم وتشديد من عمر رضي الله عنه على هذا الأمر؛ فإن أبا موسى مع علمه وثقته طلب منه البينة؛ فيكف بغيره ممن هو أقل علما، أو ممن لا يعلم أصلا وفي رواية أخرى عند أبي داود أيضا: «إني لم أتهمك، ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد»، أي: صعب في روايته ونقله، ولا بد من التحقق والتوثيق؛ حتى لا يجرؤ الناس على الرواية، فيقعوا في الخطأ والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا، ولم يخف على عمر رضي الله عنه أصل الاستئذان؛ فإنه ثابت بنص القرآن، وإنما خفي عليه تثليث الاستئذان، فطلب تأكيده
وفي الحديث: بيان أن من آداب الاستئذان الرجوع إذا لم يؤذن له بعد ثلاث مرات