باب ما جاء فى البناء
حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا حفص عن الأعمش عن أبى السفر عن عبد الله بن عمرو قال مر بى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أطين حائطا لى أنا وأمى فقال « ما هذا يا عبد الله ». فقلت يا رسول الله شىء أصلحه فقال « الأمر أسرع من ذاك ».
الدنيا محل اختبار، وأعمال والآخرة هي دار القرار، والعاقل من قدم من دنياه لآخرته، وزرع في الدنيا؛ ليحصد في الآخرة بفضل الله عز وجل
وفي هذا الحديث يقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "مر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نعالج خصا لنا"، أي: نصلحه، والخص: بيت صغير يشبه الحجرة ويبنى عادة من الحطب والطين وفروع الشجر وما شابه، "وهي"، أي: ما ضعف منه وما فسد أو انهار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذا؟"، أي: ما الذي تفعلون؟ قال عبد الله: فقلنا: "خص لنا وهى"، أي: سقط، "فنحن نصلحه"، أي: نشيده ونعيد بناءه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك"، أي: ما أرى الموت وما بعده من القبر والحشر والقيامة إلا أسرع من أن يشيد الإنسان لنفسه ما يزيد عن حاجته
وهذا من حث النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون حرص المؤمن باهتمامه بالآخرة أكبر وأسرع من الاهتمام بالدنيا، لا النهي المطلق في عدم التشييد والبناء، وربما يكون كلام النبي عليه الصلاة والسلام لبيان حقيقة الدنيا، وأنها مهما طالت فهي قصيرة ومنتهية، ومصير من عليها معروف إلى الموت والقبور؛ فإصلاح أمر الآخرة أهم وأولى من الاشتغال بأمر الدنيا