باب ما جاء فى سهم الصفى
حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال صارت صفية لدحية الكلبى ثم صارت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
في هذا الحديثِ يقولُ أَنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "جُمِع السَّبْيُ يومَ خَيْبَرَ"، والسَّبْيُ يكونُ مِن النِّساءِ والأولادِ، وقدْ فتَح رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مِن الهِجرَةِ، "فجاء دِحْيَةُ" وهو ابنُ خَلِيفَةَ الكَلْبِيُّ رضِيَ اللهُ عنه "فقال: يا رسولَ الله، أَعْطِنِي جاريةً مِن السَّبْيِ"، أي: مِن نِساءِ السَّبْيِ، فقال له النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اذْهَبْ فخُذْ جاريةً"، قال أَنَسٌ: "فأَخَذ صَفِيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ"، وهي مِن نَسْلِ هَارُونَ عليه السَّلامُ، وأبوها سيِّدُ يَهُودِ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ، "فجاء رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا نَبِيَّ الله، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ سيِّدةَ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ" وهما مِن قبائلِ اليَهُودِ! "ما تَصلُح إلَّا لك"، أي: لِمَقامِك وفَضلِك؛ وذلك لأنَّها مِن بيتِ النُّبُوَّةِ ولِمَكانتِها في قومِها، قال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ادْعُوهُ بها"، أي: ادْعُوا دِحْيَةَ والجاريةَ الَّتِي أخَذها، "فلمَّا نظَر إليها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لِدِحْيَةَ: خُذْ جاريةً مِن السَّبْيِ غيرَها"، أي: غيرَ صَفِيَّةَ.
ثمَّ قال: "وإنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَعْتَقَها وتزوَّجَها"، أي: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَل عِتقَها صَدَاقَها، ثُمَّ أصبَحَتْ مِن أُمَّهاتِ المؤمنين رِضْوَانُ اللهِ عليهِنَّ.
قِيلَ: إنَّ الوَجْهَ الَّذِي أَخَذ به النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَفِيَّةَ مِن دِحْيَةَ بعدَ أن أعطاه إيَّاها: أنَّ دِحْيَةَ أَرْجَعَها إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِرِضاهُ.
وقِيلَ في بعضِ الرِّواياتِ: إنَّها وقَعتْ في سَهمِ دِحْيَةَ، وأنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اشتَرَاها منه.
وقِيل فيها غيرُ ذلك مِن الأَوجُهِ المُحتَمَلةِ الَّتِي تَلِيقُ بذاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعِصْمَتِه.