باب ما جاء في الوتر أول الليل
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو داود سليمان بن توبة، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زائدة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "أي حين توتر؟ " قال: أول الليل، بعد العتمة. قال: "فأنت يا عمر؟ " فقال: آخر الليل. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالوثقى، وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة" (2).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يتعاهَدَ أصحابَه ويسألُهم عن عِبادتِهم وسائرِ أمورِهم؛ ليُرشدَهم ويُعلِّمهم ويُبيِّن لهم الأفضلَ والأنسبَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو قَتادةَ رَضِي اللهُ عَنْه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم قال لأبي بَكرٍ: متى تُوتِرُ؟"، أي: متى يَكونُ وِترُك مِن اللَّيلِ؟ فقال أبو بَكرٍ رَضِي اللهُ عَنْه: "أوتِرُ مِن أوَّلِ اللَّيلِ"، أي: قبلَ أن يَنامَ، "وقال لعُمرَ: متى توتِرُ؟" قال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عنه: "آخِرَ اللَّيلِ"، أي: إنَّ عُمرَ كان يَنامُ أوَّلَ اللَّيلِ ثمَّ يقومُ آخِرَه، ثمَّ يَختُمُ صلاتَه بالوِترِ قبلَ الفجرِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم لأبي بكرٍ: "أخَذ هذا بالحَزْمِ"، أي: صلَّى قيامَ اللَّيلِ في أوَّلِه قبلَ النَّومِ؛ حذَرًا مِن الغَفلةِ وعدمِ الاستيقاظِ، وقال صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم لعُمرَ: "أخَذ هذا بالقوَّةِ"، أي: ألزَمَ نفْسَه بالصَّلاةِ في آخِرِ اللَّيلِ مع نَومِه أوَّلَه وما في ذلك مِن عَزيمةٍ، ولكنَّه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أقرَّ الاثنَينِ على فِعلَيهِما.