باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله ﷺ 5
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا مصعب بن المقدام، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، قال:قالت عائشة: ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1).
أشدُّ النَّاسِ بَلاءً همُ الأنبياءُ، ثمَّ الأَمْثَلُ فالأمْثلُ؛ فإنَّ المرءَ يُبْتلى على قَدْرِ دِينِه، فإنْ كان في دِينِه صَلابةٌ اشتَدَّ بَلاؤه، وإنْ كان في دِينِه رِقَّةٌ ابتُلي على حسَبِ ذلك، ولا شكَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكْمَلُ النَّاسِ دِينًا، وأَتْقَى الخَلْقِ وأقرَبُهم إلى اللهِ سُبحانه وتعالَى؛ ولذلك ابتُلِي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بجَميعِ أصنافِ الابتلاءِ.
وفي هذا الحَديثِ تخبرُ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها لم ترَ أحدًا يَأتيه المرَضُ أشدَّ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولعَلَّ من أسبابِ زيادةِ الوَجَعِ على أنبياءِ اللهِ عزَّ وجَلَّ ما امتازوا به من قُوَّةِ اليَقينِ، وشِدَّةِ الصَّبرِ والاحتِسابِ؛ لِيَكونوا قُدوةً لأتباعِهم في ذلك، وليَكمُلَ لهم الثَّوابُ ويَعُمَّ لهم الخَيرُ.
وفي الصَّحيحينِ عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: «دخلتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يُوعَكُ، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّك لتُوعَكُ وَعكًا شَديدًا! قال: أجَلْ، إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلانِ منكم. قلتُ: ذلك أنَّ لك أجرينِ؟ قال: أجَلْ، ذلك كذلك».