باب ما جاء في قتل الأسارى والفداء2
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن عمه، عن عمران بن حصين، «أن النبي صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين»: هذا حديث حسن صحيح وعم أبي قلابة هو أبو المهلب واسمه عبد الرحمن بن عمرو، ويقال: معاوية بن عمرو، وأبو قلابة اسمه عبد الله بن زيد الجرمي، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن للإمام أن يمن على من شاء من الأسارى، ويقتل من شاء منهم، ويفدي من شاء، واختار بعض أهل العلم القتل على الفداء وقال الأوزاعي: بلغني أن هذه الآية منسوخة قوله تعالى: {فإما منا بعد وإما فداء} [محمد: 4] نسختها {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} [البقرة: 191] حدثنا بذلك هناد قال: حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي. قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا أسر الأسير يقتل أو يفادى أحب إليك؟ قال: إن قدروا أن يفادوا فليس به بأس، وإن قتل فما أعلم به بأسا قال إسحاق: الإثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفا فأطمع به الكثير
نظَّم الإسلامُ الحياةَ في جميعِ شُؤونِها، في السِّلمِ والحَربِ، وما بعدَ الحربِ، وأوضَح ذلك كلَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بقولِه وفعلِه، وسُنَّتِه وهَدْيِه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عِمرانُ بنُ حُصينٍ رضِيَ اللهُ عَنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فدَى رَجُلَين مِن المسلمين برَجلٍ مِن المشرِكين"، أي: أعطاهم الأسيرَ المشرِكَ، وأخَذ رجُلَين مِن المسلمين بَديلًا عنه، وقد اتُّفِق على أنَّ لِوَليِّ الأمرِ أن يَفعَلَ بالأسرى ما يَراه الأوفَقَ لِمَصلحةِ المسلمين، ويَختارُ أحدَ أمورٍ حدَّدها العلماءُ على اختلافٍ بينَهم؛ فقِيلَ: إنَّ ولِيَّ الأمرِ مخيَّرٌ في الأسرى بينَ أمورٍ ثلاثةٍ: إمَّا القتلُ، وإمَّا الاستِرْقاقُ، وإمَّا تَرْكُهم أحرارًا ذمَّةً للمسلِمين، إلَّا مُشرِكي العرَبِ والمرتدِّين؛ فإنَّهم لا يُسترَقُّون، ولا تُعقَدُ لهم الذِّمَّةُ، ولكن يُقتَلون إن لم يُسلِموا؛ لقولِه تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16]، ولقولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "لا يَجتمِعُ دينانِ في جَزيرةِ العرَبِ".
وقيل غير ذلك.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ مُبادَلةِ الأسرى إذا رأى الإمامُ في ذلك مَصلَحةً للمُسلِمين.