باب: ما لقي - صلى الله عليه وسلم - من أذى قومه 2
بطاقات دعوية
عن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال دميت إصبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض تلك المشاهد فقال "هل أنت إلا إصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت". (م 5/ 181
قال تَعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111]، فعاوَضَ اللهُ تعالَى عِبادَه المُؤمِنينَ عن أنفُسِهم وأموالِهم -إذْ بَذَلوها في سَبيلِه- بالجَنَّةِ، وهذا مِن فَضلِه وكَرَمِه وإحسانِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ جُندُبُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان في إحْدى غَزَواتِه، وقيلَ: كان ذلك في غَزوةِ أُحُدٍ، فجُرِحَتْ إصْبَعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال يُخاطِبُها على سَبيلِ التَّسليةِ: «هَلْ أنتِ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيتِ ** وفي سَبيلِ اللهِ ما لَقِيتِ؟!» أيْ: هَوِّنِي على نَفْسِكِ؛ فإنَّكِ ما ابتُلِيتِ بشَيءٍ مِنَ الهَلاكِ والقَطْعِ، سِوَى أنَّكِ جُرِحْتِ وظَهَرَ منكِ الدَّمُ، ولم يكُنْ ذلك هَدَرًا، بلْ كان في سَبيلِ اللهِ ورِضاه. وقيلَ: هذا مِنَ الرَّجَزِ المَوزونِ الذي يَقَعُ في النَّادِرِ ويَجري على لِسانِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَيرِ قَصدٍ أو حِكايةٍ، فليس هو كالشِّعرِ؛ فقد قال اللهُ تَعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]، وقيلَ: هذا مِن شِعرِ عَبدِ اللهِ بنِ رَواحةَ، تَمثَّلَ به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا المَوقِفِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الأنبياءَ يُصابَونُ ببَعضِ المَكروهِ؛ لِيَعظُمَ أجْرُهم؛ فهُم أشَدُّ النَّاسِ بَلاءً.