باب من خير نساءه، وقول الله تعالى: {قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا}.
بطاقات دعوية
عن مسروق قال: سألت عائشة عن الخيرة؟ فقالت: خيرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، [فاخترنا الله ورسوله]، أفكان طلاقا؟ (وفي رواية: فلم يعد ذلك علينا شيئا). قال مسروق: لا أبالى أخيرتها واحدة أو مئة بعد أن تختارنى
اختارَ اللهُ تعالَى لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيْرَ النِّساءِ، وخَصَّهُنَّ ببَعضِ الأحكامِ، وصِرْنَ أُمَّهاتٍ للمُؤمنينَ، ولم يَكُنَّ كأحدٍ مِن النِّساءِ؛ فرَضِي اللهُ عنْهنَّ وأرضاهنَّ.
وفي هذا الحديثِ تَقولُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها: «خَيَّرنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم»، أي: بيْنَ البَقاءِ مَعه والصَّبرِ على ضِيقِ العَيشِ وبيْنَ الطَّلاقِ، «فاختَرنا اللهَ ورَسولَه»، أي: اختَرْنا البَقاءَ معه وانتِظارَ ثَوابِ الآخِرةِ، «فلَم يَعُدَّ ذلكَ عَلينا شَيئًا»، أي: لَمْ يُحسَبْ هذا التَّخييرُ طَلاقًا، وكان تحتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَها تِسعُ نِسوةٍ، وهنَّ: عائِشةُ بنتُ أبي بكرٍ، وحَفصةُ بنتُ عُمَرَ، وأمُّ حَبيبةَ بنتُ أبي سفيانَ، وسَودةُ بنتُ زَمعةَ، وأمُّ سَلَمةَ بنتُ أبي أمَيَّةَ، وصَفِيَّةُ بنتُ حُيَيِّ بنِ أخطَبَ، وميمونةُ بنتُ الحارِثِ، وزينبُ بنتُ جَحشٍ، وجُوَيريةُ بنتُ الحارِثِ، رَضِيَ اللهُ عنهنَّ.
وهذا التخييرُ هو الواردُ في قَولِ اللهِ عزَّ وجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28، 29]، فهو أمرٌ مِنَ اللهِ تعالى لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يخَيِّرَ أزواجَه بيْن الطَّلاقِ والفِرَاقِ، وأنْ يُعطِيَهُنَّ مُتْعةً، وبيْن أنْ يَبْقَينَ زَوجاتٍ له ويَصبِرْنَ معه على شِدَّةِ العَيشِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الرَّجُلَ إذا خيَّر امرأتَه بين الطلاقِ والبقاءِ معه فاختارت البقاءَ معه لا يُحتَسَبُ طَلْقةً.