باب من لا يجب عليه الحد3
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية وأبو أسامة، قالوا: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع
عن ابن عمر، قال: عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة، فأجازني قال نافع: فحدثت به عمر بن عبد العزيز في خلافته، فقال: هذا فصل ما بين الصغير والكبير
حرَصَ الصحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على الجِهادِ مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لنصرِ الدِّين، وكان التَّابعون رَحِمهم اللهُ تعالى يَحرِصونَ على اقتِفاءِ أثَرَ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عَنهم في طلَبِ سُنَّةِ وحديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فإذا ما أتاهم نصٌّ امتثَلوا له.
وفي هذا الحديثِ يقولُ ابنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عَنهما: "عُرِضتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في جيشٍ"، أي: لِيَختبِرَ حالي؛ هل أصلُحُ للقِتالِ في جيشِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وأنا ابنُ أربَعَ عَشْرةَ"، أي: وكانت سنِّي أربعةَ عشَرَ عامًا، "فلم يَقْبَلْني"، أي: لم يُجِزْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يَأذَنْ لي في القِتالِ؛ لصِغَرِ سِنِّه، وكان ذلك في غزوةِ أحُدٍ، "فعُرِضتُ عليه"، أي: تكرَّر عَرْضي مرَّةً أخرى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكان ذلك في غزوةِ الخندَقِ، "مِن قابِلٍ"، أي: في العامِ الَّذي بَعْدَه في جيشٍ، "وأنا ابنُ خمسَ عَشْرةَ"، أي: وكنتُ قد بلَغتُ في حينِها خَمْسَ عشرةَ سنةً، "فقَبِلني"، أي: أجازَني للقِتالِ معه؛ لأنَّه رآني وقد بلَغتُ وتأهَّلتُ للقِتالِ، فكنتُ مِن المجاهِدين الَّذين لهم نَصيبٌ في الغَنائمِ.
قال نافعٌ مولَى ابنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عَنهما: "وحَدَّثتُ بهذا الحَديثِ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ"، وكان خليفةَ المسلِمين يومَئذٍ، فقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: "هذا حَدُّ"، أي: هذه السِّنُّ (خمسَ عشرةَ سنةً) حدٌّ "ما بين الصَّغيرِ والكبيرِ"، أي: تكونُ نهايةً للصِّغَرِ، وتكونُ بِدايةً لسِنِّ البُلوغِ، "ثمَّ كتَب أن يُفرَضَ لِمَن يَبلُغُ الخمسَ عَشْرةَ"، أي: يُقَدَّرُ لمَن بلَغ هذه السِّنَّ نَصيبٌ ورِزقٌ في دِيوانِ المقاتِلين.