باب: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
بطاقات دعوية
عن خليفة بن كعب أبي ذبيان قال سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة. (م 6/ 140
حَرَص الإسلامُ على مُراعاةِ مَظهَرِ المسْلمِ والمسْلمةِ، ومِن ذلكَ هَيئةُ الثِّيابِ للرِّجالِ والنِّساءِ، مِن حيثُ سَتْرُ الجسدِ والعَورةِ وعدمُ تحديدها، وألَّا يَشِفَّ ولا يَصِف حجْمَ العِظام، ثمُّ هناك نَهيٌ عن تَشبُّهِ النِّساءِ بالرِّجالِ، وعن تَشبُّه الرِّجالِ بالنِّساءِ في الهَيئةِ أو الزِّيِّ، ونحْوِ ذلك.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ أبو ذُبْيانَ خَليفةُ بنُ كَعبٍ، أنَّه سَمِع عبدَ اللهِ بنَ الزُّبير رَضيَ اللهُ عنهما يَخطُبُ ويقولُ: «ألَا لا تُلبِسوا نِساءَكم الحريرَ»، وهذا نهيٌ منه عن لُبْسِ الحريرِ للنِّساءِ، وهو فَهْمُه الخاصُّ لحديثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذي ذَكَرَه بَعْدَ ذلك واستدلَّ به على رَأيِه، وهو قولُه: «فإنِّي سَمِعتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْبَسوا الحريرَ؛ فإنَّه مَن لَبِسه في الدُّنيا لم يَلبَسْه في الآخرةِ»، وهذا النَّهيُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَحْمولٌ على مَنْع الرِّجالِ مِن لُبْسِ الحريرِ الخالِصِ في الدُّنيا لِغيرِ عُذرٍ؛ لأنَّ مَن لَبِسَه وتمتَّعَ به في الدُّنيا، يُخاف عليه؛ لأنَّه لن يَلبَسَه في الآخِرةِ، وهذا فيه تَحذيرٌ شديدٌ؛ لأنَّ الحريرَ هو لِباسُ أهلِ الجَنَّة، فكأنَّ مَن لم يَلبَسْه في الآخرةِ فليْس مِن أهلِ الجَنَّة، وقيل: يَدخُلُ الجنَّةَ ولكنَّه يُحْرَمُ منه فيها.
وقد وَرَدتِ الرِّواياتُ الصَّحيحةُ الَّتي تَدلُّ على صِحَّةِ لُبْسِ النِّساءِ للحريرِ، وعلى أنَّ الرِّجالَ يُسمَحُ لهم ببَعضِ الحريرِ في الثِّياب بما لا يُجاوِز عَرْضُه إصْبَعينِ إلى أربعِ أصابعَ تُتَّخذُ أعلامًا وحاشيةً للثِّياب؛ ففي الصَّحيحينِ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهما: «أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن الحريرِ إلَّا هكذا، وأشارَ بإصبعَيهِ اللَّتينِ تَلِيانِ الإبهامَ، قال: فِيما عَلِمْنا أنَّه يَعني الأعلامَ».
وفي الحديثِ: وُقوعُ الاختلافِ مِن الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم في فَهمِ الدَّلائلِ النَّصِّيَّةِ.