باب من يرد الله به خيرا يفقهه
بطاقات دعوية
حُميْد بن عبدِ الرحمن قالَ: سمعِتُ معاويةَ خطيباً يقول،: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:
" مَن يُرِدِ اللهُ بهِ خيْراً يُفقِّهْهُ في الدِّينِ، وِإنَّما أَنا قاسمٌ، واللهُ يُعطي، وَلن تَزالَ [من ] هذهِ الأُمَّةِ [أمَّةٌ] قائمةٌ على أَمرِ اللهِ: لا يضُرُّهم [مَن خذَلَهم (وفي روايةٍ: مَن كذَّبَهم ) ولا] مَن خالفَهم (وفي روايةٍ: ولن يزال أَمر هذه الأُمة مستقيماً حتى تقوم الساعة أو ) حتى يأتيَ [هم] أَمرُ اللهِ [وهم على ذلك".
فقالَ مالك بن يُخامر: سمعت معاذاً يقول: وهم بالشأْم. فقال معاوية: هذا
مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول: وهم بالشأْم].
اللهُ سُبحانه وتعالَى حَليمٌ رَحيمٌ بعِبادِه، يُحِبُّ لهم الخيرَ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن أراد به اللهُ خيرًا عَظيمًا، ونفْعًا كثيرًا، يُفقِّهْهُ في الدِّينِ، فيَمنَحْه العِلمَ الشَّرعيَّ الَّذي لا يُدانيه خَيرٌ في هذا الوُجودِ في فضْلِه وشرَفِه، وعُلوِّ درَجتِه؛ لأنَّه مِيراثُ الأنبياءِ الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَه، وجاء قولُه: «خَيرًا» نَكِرةً؛ ليَشمَلَ القَليلَ والكثيرَ، والتَّنكيرُ للتَّعظيمِ أيضًا؛ لأنَّ المَقامَ يَقتضيهِ.ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المعطيَ حَقيقةً هو اللهُ تعالَى، ولستُ أنا مُعطيًا، وإنَّما أنا أَقْسِمُ ما أُمِرتُ بقِسمَتِه على حسَبِ ما أُمِرْتُ به؛ فالأمورُ كلُّها بمَشيئةِ اللهِ تعالَى وتَقديرِه، والإنسانُ مُصَرَّفٌ مَربوبٌ، فالمالُ للهِ تعالَى، والعِبادُ له سُبحانَه، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قاسمٌ بإذنِه مالَه بيْنكم، فمَن قسَم له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كثيرًا، فبقدَرِ اللهِ تعالى وما سبَقَ له في الكتابِ، وكذا مَن قسَمَ له قَليلًا؛ فلا يَزدادُ لأحدٍ في رِزقِه، كما لا يَزدادُ في أجَلِه، وسَببُ قولِه لذلك تَطييبُ قُلوبِ النَّاسِ؛ لمُفاضَلتِه بَعضَ الناسِ بالعَطاءِ. ثمَّ أخبَرَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا تَزالُ طائفةٌ مِن المسلمين ثابتةً على دِينِه، مُستمسِكةً به، وقائِمةً به إلى قِيامِ السَّاعةِ، قيل: إنَّ ثَباتَهم على الدِّينِ يَأتي بتَمسُّكِهم بالجِهادِ والقِتالِ في سَبيلِ نُصرةِ الحقِّ وإعلاءِ كَلمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، حتى يَأتِيَهم أمرُ اللهِ، وهي الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَكونُ قبْلَ قيامِ السَّاعةِ تَقبِضُ أرواحَ المؤمنينَ، كما فُسِّر في بَعضِ الرِّواياتِ. وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا يَنقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ؛ فهناك مَن يَتوارَثُه جِيلًا بعدَ جِيلٍ
وفي الحديثِ: فَضْلُ العِلمِ، وفضْلُ تعلُّمِه، وأنَّ العِلمَ الشَّرعيَّ أشرفُ العُلومِ إطلاقًا؛ لعَلاقتِه باللهِ عزَّ وجلَّ
وفيه: أنَّ الفِقهَ في الدِّينِ مِن عَلامات خَيريَّةِ المسلِمِ
وفيه: أنَّ الإسلامَ لا يَذِلُّ وإنْ كَثُر أعداؤُه
وفيه: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ