باب هل أوصى رسول اللهﷺ 2
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، قال:
قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء؟ قال: لا. قلت: فكيف أمر المسلمين بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله (1).
قال مالك: وقال طلحة بن مصرف: قال الهزيل بن شرحبيل:
أبو بكر كان يتأمر على وصي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! ود أبو بكر أنه وجد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهدا، فخزم أنفه بخزام.
في هذا الحديثِ رَدٌّ على مَزاعمِ الشِّيعةِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَوصى لِعليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه بخِلافتِه؛ فإنَّ عبدَ اللهِ بنَ أَبِي أَوْفَى رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا سُئِلَ: هلْ أوصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأيِّ أمرٍ فيما يَخُصُّ أموالَه مِن بعْدِه أو فيما يَخُصُّ الخِلافةَ مِن بعْدِه؟ فنفَى ذلك؛ لأنَّه لم يَترُكْ ما يَستحِقُّ الوصيَّةُ به مِن الأموالِ، ولأنَّه أوضَحَ في حَديثٍ آخَرَ في الصَّحيحينِ أنَّ ما تَرَكَه يكونُ صَدَقةً، فقيلَ له: إذا كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُوصِ فكيفَ إذنْ تَفسيرُ قولِ اللهِ تَعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180]؟ فقالَ عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوْفى رَضيَ اللهُ عنه: أَوصى بكِتابِ اللهِ، أي: بالتَّمسُّكِ به والعملِ بِمقتضاهُ، واقتَصَرَ على الوصِيَّة بكتابِ اللهِ؛ لِكونِه أعظمَ وأهمَّ؛ ولأنَّ فيه تِبيانَ كُلِّ شيءٍ؛ إمَّا بطَريقِ النَّصِّ، وإمَّا بطَريقِ الاستنباطِ، فإنِ اتبَّعوا ما في الكتابِ عَمِلوا بكلِّ ما أمَرَهُم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به؛ لِقولِه تعالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
وقدْ تَعدَّدت النُّصوصُ والمَرْوياتُ وتَنوَّعت بوَصايا رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، منها ما يَتعلَّقُ بأهْلِ بَيتِه، ومنها ما يَتعلَّقُ بحُقوقِ الأنصارِ والمهاجِرين، ومنها ما يَتعلَّقُ بالمسلمينَ جَميعًا، كما في هذا الحديثِ.