بيع الدرهم بالدرهم 2
سنن النسائي
أخبرنا واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن ابن أبي نعم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب، وزنا بوزن مثلا بمثل، والفضة بالفضة، وزنا بوزن مثلا بمثل، فمن زاد أو ازداد فقد أربى»
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحلالَ والحرامَ في أُمورِ البَيعِ والشِّراءِ وغيرِ ذلك
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يرزُقُنا تَمرًا مِن تَمْرِ الجَمْعِ"، أي: يُعْطينا مِن تمْرِ الجَمْعِ، قيل: كلُّ لونٍ مِن النَّخيلِ لا يُعْرَفُ اسْمُه فهو جَمْعٌ، وقيل: الجَمْعُ: تَمْرٌ مُختلِطٌ مِن أنواعٍ مُتفرِّقةٍ، وليس مَرغوبًا فيه ولا يُخْلَطُ إلَّا لرَداءتِه، "فنَستبدِلُ به تَمْرًا هو أطيبُ منه ونَزيدُ في السِّعرِ"، أي: فيما نُعْطي في مُقابلةِ الأطيبِ مِن الجَمْعِ؛ زِيادةً في سِعْرِ الجيِّدِ مِن التَّمرِ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا يصلُحُ صاعُ تَمْرٍ بِصاعينِ"، أي: لا يصِحُّ بَيعُ صاعٍ مِن التَّمرِ بصاعَينِ مِن تَمْرٍ آخرَ؛ لأنَّ التَّمرَ بأنواعِه جِنْسٌ واحدٌ، فلا بُدَّ مِن التَّماثُلِ والمُساواةِ في الوزنِ والكَيلِ؛ حتَّى لا يقَعَ المُتبايعانِ في الرِّبا بالزِّيادةِ والفَضْلِ، ولا يَنظُرُ إلى الجَودةِ فيه، "ولا دَرهمٌ بدَرهمينِ"، وكذلك يقَعُ النَّهيُ في الفِضَّةِ، وهذا على سَبيلِ المِثالِ وليس الحَصْر، "والدِّرهمُ بالدِّرهمِ والدِّينارُ بالدِّينارِ"، أي: إنَّما البَيعُ يكونُ بالمُماثلةِ؛ لا يَزيدُ ولا ينقُصُ الدِّرهمُ مُقابلَ الدِّرهمِ، والدِّينارُ مُقابلَ الدِّينارِ، "لا فَضْلَ بينهما إلَّا وَزْنًا"، أي: أنَّه لا فضْلَ يُفْسِدُ البَيعَ إلَّا ما كان في الوَزنِ، وأمَّا ما كان مِن جِهَةِ الجَودةِ والرَّداءةِ فلا عِبرةَ بذلك
وإذا أراد الإنسانُ شِراءَ شَيءٍ مِن نفْسِ الجِنْسِ وليس عِندَه إلَّا ما هو مِن جِنْسِه؛ مِثْلُ التَّمرِ والبُرِّ والشَّعيرِ، فإنَّه يُقَوِّمُه بالسِّعرِ ويَبيعُه بالعُملةِ، ثمَّ يَشْتري ما شاء بالثَّمنِ، أمَّا إذا اختلَفَ الجِنْسُ فلا بأْسَ بالتَّفاضُلِ، لكنْ يدًا بيدٍ، مِثْلُ صاعِ تمْرٍ بصاعَيْ شَعيرٍ، أو صاعَيْ حِنْطةٍ، أو صاعَيْ مِلْحٍ، أو صاعَيْ ذُرَةٍ، يدًا بيدٍ؛ فلا بأْسَ، ولو كان هذا أكثرَ مِن هذا؛ لأنَّ الجِنْسَ مُختلِفٌ
وفي الحديثِ: بيانٌ لنوعٍ مِن أنواعِ الرِّبا في البَيعِ والشِّراءِ، وأنَّه لا يَنْبغي التَّعامُلُ بها