حديث أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري عن عمومة له
مسند احمد
حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري، عن عمومة له، قدم النبي صلى الله عليه وسلم وليس أحد منا إلا له لقب أو لقبان قال: فكان إذا دعا بلقبه قلنا: يا رسول الله، إن هذا يكره هذا، قال: فنزلت: «ولا تنابزوا بالألقاب»
لقدْ بُعِثَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليُتمِّمَ مكارِمَ الأخْلاقِ، ولذلك اهتمَّ اهتِمامًا كبيرًا بالجانِبِ الأخلاقيِّ؛ تتْميمًا لمكارِمِه
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ الصَّحابيُّ الجَليلُ أبو جُبَيرةَ بنُ الضَّحَّاكِ رضِيَ اللهُ عنه: "فينا نزلَتْ هذه الآيةُ؛ في بَنِي سَلَمةَ"، وفي رِوايةٍ: " فينا نزَلَتْ- مَعشرَ الأنصارِ": {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11]، {وَلَا تَنَابَزُوا}، أي: لا تَدْعوا بعضُكم بعضًا بأبغَضِ الأسْماءِ إليكم {بِالْأَلْقَابِ}، أي: بالأسماءِ الَّتي تُلقِّبون بها بَعضَكم، {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ}، أي: بِئسَ فَعْلتُكم هذِه وفُسوقُكم بعد إيمانِكم
قال أبو جُبَيرةَ: "قَدِمَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم"، أي: حِينَ هاجَرَ إلى المدينةِ، "وليس مِنَّا رَجلٌ، إلَّا وله اسمانِ، أو ثلاثة"، أي: ولكلِّ واحِدٍ منَّا اسمانِ أو ثلاثةُ أسماءٍ، "فجَعَل النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ: يا فلان"، أي: فإذا أراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أحدًا ناداه باسمِه الَّذي سمِعَ القومَ يُنادونَه بهِ، فقال: يا فلان، فيقولُ القومُ: "مَهْ يا رسولَ اللهِ! أي: أي: يُنبِّهونَ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ألَّا يُنادِي على هذا الشَّخصِ بهذا الاسمِ، ومهْ: اسمُ فِعلٍ بمَعْنى: اكفُفْ؛ "إنَّه يَغضَبُ مِن هذا الاسمِ"، أي: فهو يَكرَه هذا الاسمَ ويغضَبُ إذا نوديَ به، فنزلَتْ هذه الآيةُ الكَريمةُ: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}، أي: امتنِعوا عن مُناداةِ بعضِكم بعضًا بأسماءٍ لا تُحبُّونها