حديث أبي موسى الأشعري 144
مستند احمد
حدثنا أبو عامر قال: حدثنا زهير، عن أسيد بن أبي أسيد، عن موسى بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الميت يعذب ببكاء الحي عليه. إذا قالت النائحة: واعضداه، واناصراه، واكاسباه، جبذ الميت وقيل له: «آنت عضدها؟ آنت ناصرها؟ آنت كاسبها؟» فقلت: سبحان الله يقول الله عز وجل: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164] فقال: ويحك أحدثك عن أبي موسى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا فأينا كذب؟ فوالله ما كذبت على أبي موسى ولا كذب أبو موسى على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانتْ أُمُّ المُؤمنين عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها مِن أعلَمِ المُسلِمينَ بسُنَّةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وأكثَرِهم فَهْمًا لرُوحِ المعاني الشَّرعيَّةِ، وقد صوَّبَتْ كثيرًا مِن المفاهيمِ عندَ بَعضِ النَّاسِ
كما في هذا الحديثِ الَّذي صوَّبَتْ فيه معنى تَعذيبِ الميِّتِ ببُكاءِ أهْلِه عليه؛ فقد رَدَّتْ على روايةِ عبدِ اللهِ بنِ عمَرَ بأنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ببُكاءِ أهْلِه عليه؛ فقالت: "يَغفِرُ اللهُ لأبي عبدِ الرَّحمنِ بنِ عمَرَ؛ يقولُ: إنَّ الميِّتَ لَيُعذَّبُ ببُكاءِ الحيِّ"، أي: إنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما كان يُحدِّثُ بهذا الحديثِ، والمُرادُ: أنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ في قَبْرِه بسبَبِ بُكاءِ الأحياءِ عليه، "واللهِ ما ذاك إلَّا إيهامٌ مِن عَبدِ اللهِ بنِ عمَرَ، يَغفِرُ اللهُ له؛ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}"، أي: لا تَحمِلُ نفْسٌ إثْمَ نفْسٍ أُخرى، "وما ذاك إلَّا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّ على قبْرِ يَهوديٍّ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أنتم تَبْكون عليهِ"، أي: بَعدَ مَوتِه، والخِطابُ لأهْلِ الميِّتِ، "وإنَّه لَيُعذَّبُ في قبْرِه- يقولُ: بعَمَلِه-"، أي: يُحاسَبُ ويُعذَّبُ في قبْرِه بسبَبِ كُفْرِه وعمَلِه السَّيِّئِ في الدُّنيا