حديث المغيرة بن شعبة 26
مستند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا هشام، عن محمد، قال: دخلت مسجد الجامع، فإذا عمرو بن وهب الثقفي قد دخل من الناحية الأخرى، فالتقينا قريبا من وسط المسجد، فابتدأني بالحديث، وكان يحب ما ساق إلي من خير، فابتدأني بالحديث، فقال: كنا عند المغيرة بن شعبة، فزاده في نفسي تصديقا الذي قرب به الحديث، قال: قلنا: هل أم النبي صلى الله عليه وسلم رجل من هذه الأمة غير أبي بكر الصديق؟ قال: نعم، كنا في سفر كذا [ص:102] وكذا، فلما كان في السحر، ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنق راحلته، وانطلق فتبعته، فتغيب عني ساعة، ثم جاء، فقال: «حاجتك؟» فقلت: ليست لي حاجة يا رسول الله، قال: «هل من ماء؟» قلت: نعم، فصببت عليه، فغسل يديه، ثم غسل وجهه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه، وكانت عليه جبة له شامية فضاقت، فأدخل يديه، فأخرجهما من تحت الجبة، فغسل وجهه، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته، ومسح على العمامة، وعلى الخفين، ثم لحقنا الناس، وقد أقيمت الصلاة وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وقد صلى ركعة، فذهبت لأوذنه، فنهاني، فصلينا التي أدركنا، وقضينا التي سبقنا بها.
كان الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم يَتعلَّمونَ سُنَّةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويُعلِّمونَها للتَّابعينَ، حتَّى استَقرَّت أحكامُ الدِّينِ على وَجْهِها الصَّحيحِ مُتعاقِبةً في جِيلٍ بعْدَ جِيلٍ
وفي هذا الحَديثِ يَروي التابعيُّ عَمْرُو بنُ يَحيَى، عن أبيهِ، أنَّ رجُلًا -وهو جدُّ عَمْرِو بنِ يَحيَى، واسمُه عُمارةُ بنُ أبي حسَنٍ المازنيُّ، كما جاء في الرِّواياتِ- سأَلَ الصَّحابيَّ عبْدَ اللهِ بنَ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه عن صِفةَ وُضوءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِحسَبِ ما رآهُ منه، فأجابَه عَبدُ اللهِ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه إلى طَلَبِه، فدَعا بماءٍ لِيُرِيَه كَيفيَّةَ الوُضوءِ عَمَليًّا، فأَفْرغَ على يَديْهِ، فَغسَلَها مرَّتَينِ قبْلَ البَدءِ في الوُضوءِ، ثُمَّ مَضمضَ فَمَه بأنْ حَرَّكَ الماءَ فيه ثمَّ ألْقاهُ، واستَنْثرَ ثلاثًا، والاستِنثارُ هو طَرْحُ الماءِ الَّذي يَستنشِقُه المُتوضِّئُ -أي: يَجذِبُه إلى داخِلِ أنْفِه؛ لِتَنظيفِ ما في داخلِه- ثُمَّ غسَلَ وَجْهَه ثلاثَ مرَّاتٍ، وحَدُّ الوجْهِ مِن مَنابِتِ شَعرِ الرَّأسِ إلى أسفَلِ الذَّقنِ، ومِن شَحمتَي الأُذننَينِ يَمينًا ويَسارًا، ثُمَّ غسَلَ يدَيْه وذِراعيْه إلى المِرفقَيْنِ، فغسَلَ كلَّ واحدةٍ مرَّتينِ على التَّخفيفِ والجَوازِ، ثُمَّ مسَحَ رَأسَه مرَّةً بجَميعِ يَدَيهِ، فأقْبَلَ بها وأدْبَرَ، يعني: أتَى بِيدَيْه على مُقدَّمِ رأسِه، ثُمَّ عادَ بهما إلى مُؤخَّرِ رَأسِه إلى أنْ وَصَلَ إلى قَفاهُ، ثُمَّ رَدَّهما إلى مُقَدَّمِ رأْسِه مرَّةً أخرى، والمسحُ دونَ الغَسلِ وأقلُّ منه، والمرادُ بالرَّأسِ: مَنابِتُ شَعرِ الرَّأسِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجلَيْه إلى الكَعبينِ، كما ثبَتَ في الرِّواياتِ
وفي الحديثِ: سُؤالُ المُتعلِّمِ مَن لدَيهِ عِلمٌ، والتَّعليمُ بالعَملِ
وفيه: استِيعابُ الرَّأسِ بالمَسحِ