حديث جابر بن سمرة السوائي30
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت جابر بن سمرة، قال: " رأيت خاتما في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَريمًا طيِّبَ الخُلقِ مع أصحابِه، وكان يُحسِنُ مُخالَطتَهم ويَدْعو لهم، وكانوا يُبادِلونه الحُبَّ والمودَّةَ، ومِن شِدَّةِ حُبِّهم له حَفِظوا صِفاتِه الحسِّيَّةَ والمَعنويَّةَ، وحَدَّثوا بها مَن بعْدَهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ جابرُ بنُ سَمُرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ قدْ «شَمِطَ مُقدَّمُ رَأسِه ولِحيتِه»، أي: ظَهَر الشَّيبُ في بعضِ شَعرِ رَأسِه ولِحيتِه مِن الأمامِ، وكان إذا استعمَلَ الدُّهنَ الَّذي يَتطيَّبُ به لم يَظهَرِ ذلك الشَّيبُ، وهو كِنايةٌ عن قِلَّتِه، وكان إذا تَفرَّق شَعرُ رَأسِه بسَببِ الحرِّ أو العرَقِ أو الغُبارِ، ظَهَر بَعضُ الشَّيبِ؛ وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثيرَ شَعرِ اللِّحيةِ، أي: كَثيفَها لا خَفيفَها، فسَأل رجُلٌ مِن الحاضرينَ في مَجلِسِ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه: هلْ وَجْهُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِثْلَ السَّيْفِ؟ يعني في البَريقِ واللَّمعانِ، فقالَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه: لَا، بَلْ كانَ وَجهُه مِثلَ الشَّمسِ والقَمرِ، في قُوَّةِ الضِّياءِ وكَثرَةِ النُّورِ، أَفضلَ مِن لَمعانِ السَّيفِ، وكان وَجْهُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «مُستديرًا» أي: مائلًا إلى التَّدويرِ. وهذا نَفيٌ لتَشبيهِ وَجهِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالسَّيفِ؛ لِما في السَّيفِ مِن الطُّولِ.
ويَحكي جابرُ بنُ سَمُرَةَ رَضيَ اللهُ عنه أَنَّه رَأى خاتمَ النُّبوَّةِ عندَ كَتِفِه مثلَ بَيضةِ الحَمامةِ، مُدوَّرًا يُشبِهُ لَونُه لَونَ سائرِ أَعضائِه.
وخاتَمُ النُّبُوَّةِ هو مِمَّا وُصِفَ به في الإنجِيلِ والتَّوْراةِ، فكان أحَدَ العلاماتِ على نُبُوَّتِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.