حديث رجل من الأنصار
مسند احمد
حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا زائدة، قال: حدثنا الركين بن الربيع بن عميلة، عن أبي عمرو الشيباني، عن رجل من الأنصار، عن النبي قال: " الخيل ثلاثة: فرس يربطه الرجل في سبيل الله عز وجل، فثمنه أجر، وركوبه أجر، وعاريته أجر، وعلفه أجر، وفرس يغالق عليه الرجل ويراهن، فثمنه وزر، وعلفه وزر، وفرس للبطنة، فعسى أن يكون سدادا من الفقر إن شاء الله تعالى "
الخَيلُ حَيوانٌ أليفٌ، وفيه مَسحةٌ مِن فَخامةٍ وجَمالٍ، وقد بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهمِّيَّتَها، كما بَيَّنَ كَيفيَّةَ اقتِنائِها؛ لِتَكونَ أجْرًا لِصاحِبِها، وتَكونَ في سَبيلِ اللهِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الخَيلُ ثَلاثةٌ"، أي: ثَلاثةُ أصنافٍ في حُكمِها عِندَ اللهِ تَعالى؛
الصِّنفُ الأوَّلُ: "فَرَسٌ يَربِطُه الرَّجُلُ في سَبيلِ اللهِ تَعالى" فهي مُعدَّةٌ ومَوقوفةٌ لِلعَمَلِ في سَبيلِ اللهِ ومُرادِه، وعلى الحَربِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، ولِإعلاءِ كَلِمَتِه، "فثَمَنُه أجْرٌ" فثَمَنُه الذي يَدفَعُه المَرءُ لِشِرائِه فيه أجْرٌ وثَوابٌ مِنَ اللهِ، "ورُكوبُه أجْرٌ"؛ لِأنَّه رُكوبٌ في سَبيلِ اللهِ "وعاريَتُه أجْرٌ"، أي: ولِصاحِبِه أجْرٌ في إعارَتِه لِلمُجاهِدينَ "وعَلَفُه أجْرٌ" والعَلَفُ هو طَعامُ الحَيَوانِ، فيَكونُ هذا العَلَفُ في كِفَّةِ حَسَناتِ مَنِ ارتَبَطَه، ويَكونُ أجْرًا له، وهذا مِنَ المُبالَغةِ في احتِسابِ الثَّوابِ
والنَّوعُ الثاني: "وفَرَسٌ يُغالِقُ عليها الرَّجُلُ ويُراهِنُ" وذلك على ما كان عليه أمْرُ الجاهِليَّةِ، بأنْ يَتَّفِقوا بَينَهم على قيمةٍ مُعيَّنةٍ يَستَحِقُّها الفَرَسُ السابِقُ، "فثَمَنُه وِزرٌ" ثَمَنُ شِرائِه فيه وِزرٌ لِصاحِبِه، "وعَلَفُه وِزرٌ" وطَعامُه يَكونُ إثْمًا على صاحِبِه، "ورُكوبُه وِزرٌ"؛ لِأنَّه يَركَبُ عليه فيما يُغضِبُ اللهَ، فتَكونُ في كُلِّ أحوالِها جالِبةً لِلذَّنبِ والإثمِ
والنَّوعُ الثالثُ: "وفَرَسٌ لِلبِطنةِ" وهي التي يُطلَبُ بها النِّتاجُ مِن بَطنِ الفَرَسِ. وفي رِوايةِ البُخاريِّ: "رَبَطَها تَغنِّيًا وتَعفُّفًا"؛ كأنْ يُتاجِرَ فيها، أو يَستَخدِمَها في مَصالِحِه ومَنافِعِ أرضِه، وغَيرِ ذلك، وإنْ لم يُخرِجْها لِلجِهادِ في سَبيلِ اللهِ والحَربِ عليها "فعَسى أنْ يَكونَ سَدادًا مِنَ الفَقرِ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى"، فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدعو لِصاحِبِها أنْ تَستُرَه وتُغنِيَه عن سُؤالِ النَّاسِ، وأنْ تَحولَ هذه الفَرَسُ بَينَ صاحِبِها وبَينَ الفَقرِ؛ لِارتِفاقِه بها بالبَيعِ والمُتاجَرةِ، ووَجهُ الحَصرِ في الثلاثةِ أنَّ الذي يَقتَني خَيلًا إنَّما يَقتَنيها لِرُكوبٍ أو تِجارةٍ، وكُلٌّ منهما إمَّا أنْ تَقتَرِنَ به طاعةٌ، فهو طاعةٌ، أو تَقتَرِنَ به مَعصيةٌ، فهو مَعصيةٌ