حديث زيد بن أرقم 13
مستند احمد
حدثنا محمد بن بشر، حدثنا مسعر، عن الحجاج مولى بني ثعلبة، عن قطبة بن مالك، عم زياد بن علاقة قال: نال المغيرة بن شعبة من علي، فقال زيد بن أرقم: قد علمت «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن سب الموتى» ، فلم تسب عليا وقد مات؟ "
أصبَحَ الناسُ بَعدَ مَقتَلِ أميرِ المُؤمِنينَ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه بَينَ فَريقَيْنِ، فَريقٍ يَتَّبِعُ علِيًّا رَضيَ اللهُ عنه، وفَريقٍ آخَرَ يَتَّبِعُ مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، وكان كُلُّ فَريقٍ يَتَّهِمُ الآخَرَ، حتى وَقَعَ القِتالُ بَينَهم
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ قُطبةُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أميرًا مِنَ الأُمَراءِ، وهو المُغيرةُ بنُ شُعبةَ رَضيَ اللهُ عنه كما في رِوايةٍ لِأحمدَ- كان قد لَحِقَ بمُعاويةَ حين التَّحكيمِ بَينَ علِيٍّ ومُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنهما؛ فوَلَّاه مُعاويةُ الكُوفةَ، وجَعَلَه أميرًا عليها، فذَكَرَ علِيَّ بنَ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه بسُوءٍ، فقامَ له الصَّحابيُّ زَيدُ بنُ أرقَمَ رَضيَ اللهُ عنه، وكان مِنَ الذين حارَبوا مع علِيٍّ رَضيَ اللهُ عنه في مَوقِعةِ صِفِّينَ، فرَدَّ عليه وحَذَّرَه بأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قد نَهى عن سَبِّ المَيِّتِ، والوُقوعِ فيه، فزَيدُ بنَ أرقَمَ رَضيَ اللهُ عنه أنكَرَ على الأميرِ فِعلَه ولامَه عليه، لاسيَّما وقد عَلِمَ النَّهيَ عن ذلك مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفِعلُ المَنهيِّ عنه بَعدَ العِلْمِ لا يَجوزُ؛ ولِذا لم يَسَعْ زَيدَ بنَ أرقَمَ السُّكوتُ على ذلك؛ لِأنَّه مِن بابِ الأمْرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عنِ المُنكَرِ، وهو واجِبٌ، ولم يُقعِدْه عن ذلك كَونُ المُغيرةِ أميرًا.وقَولُه: "فلِمَ تَسُبُّ علِيًّا وقد ماتَ؟!" إنَّما هو على طَريقِ التَّنَزُّلِ، وفَرضِ أنَّه كان يَستَحِقُّ السَّبَّ حالَ حَياتِه، وإلَّا فهو رَضيَ اللهُ تعالَى عنه أعلى مِن أنْ يُسَبَّ في حَياتِه، فكيف به بَعدَ المَوتِ؟