حديث عقبة بن الحارث 5
مستند احمد
حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: حدثني عقبة بن الحارث - أو سمعته منه - أنه تزوج أم يحيى ابنة أبي إيهاب، فجاءت امرأة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عني، فتنحيت فذكرته له، فقال: «فكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما فنهاه عنها»
جعَلَ الإسلامُ الرَّضاعَ رابطًا كرابطِ النَّسبِ، فأثبَتَ الحُرْمةَ في النِّكاحِ مِن الرَّضاعةِ كالحُرمةِ مِن النَّسَبِ؛ فيَحرُمُ على الرَّجلِ أنْ يَتزوَّجَ أُختَه أو أُمَّه، أو خَالتَه أو عَمَّتَه مِن الرَّضَاعَةِ، وهكذا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ عُقْبةُ بنُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَزوَّج ابنةَ الصَّحابيِّ أَبِي إِهَابِ بنِ عَزِيزٍ بنِ قَيسٍ رَضيَ اللهُ عنه، واسْمُها غُنيَّةُ، وكُنيتُها أمُّ يَحْيى، فجاءَتْه امرأةٌ فأَخْبَرَتْه أنَّها أَرْضَعَتْه وأرضَعَت المرأةَ الَّتي تَزوَّجَها، والرَّضاعُ: هو إيصالُ لَبَنِ المرأةِ إلى جَوفِ طِفلٍ دونَ الحَولَينِ
فقال لها عُقْبَةُ رَضيَ اللهُ عنه: «ما أَعْلَمُ أنَّكِ أَرْضَعْتِني، ولا أَخْبَرْتِني»، يعني: لم يُخْبِرْني أحدٌ -بِمَا فيهم أَنْتِ- بأنَّكِ أَرْضَعْتِني قبْلَ ذلك
فأَرْسَل عُقْبَةُ رَضيَ اللهُ عنه لِآلِ أَبِي إِهَابٍ أهلِ زَوجتِه يَسأَلُهم عن الأمرِ، فأَخْبَروه بأنَّهم لا عِلمَ لهم قَبْلَ ذلك بأنَّها أرضَعَتِ ابنتَهم
فذَهَب عُقْبَةُ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينةِ، وأَخْبَره بما حَدَث، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «كَيْفَ وقَدْ قِيلَ؟!» أي: كَيف تُبقِيها عندك تُباشِرُها وتُجامِعُها وقد قِيلَ: إنَّك أَخُوها مِن الرَّضَاعةِ؟! اتِّقاءً للشُّبهاتِ، أو لفَسادِ النِّكاحِ
ففَارَقَها عُقْبَةُ رَضيَ اللهُ عنه، وتَزوَّجَتْ هي بعدَه زَوجًا آخَرَ
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في اتِّقاءِ الشُّبهاتِ
وفيه: مَشروعيَّةُ الرِّحلةِ في طَلَبِ العِلمِ