ذكر النهي عن لبس المعصفر 3
سنن النسائي
أخبرنا عيسى بن حماد، قال: أنبأنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، أخبره، أن أباه، حدثه، أنه سمع عليا يقول: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبوس القسي، والمعصفر، وقراءة القرآن وأنا راكع»
وَضَع الشَّرعُ في الزِّينةِ واللِّباسِ أُمورًا عامَّةً، يَجِبُ أنْ تُراعى في هَيئةِ الثِّياب للرِّجال والنِّساء، ومنها النَّهيُ عن تَشبُّهِ النِّساءِ بالرِّجالِ أو الرِّجالِ بالنِّساءِ في الهيْئةِ أو الزِّيِّ وغيرِ ذلك، وكذلكَ التَّشبُّهُ بغيرِ المسْلِمين
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رآهُ لابِسًا ثَوبينِ مُعَصفَرَينِ، أي: مَصْبوغَينِ بِالعُصْفرِ، وهو صبغٌ أحمرُ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَأمُّكَ أَمرتْكَ بهذا؟» أي: بِلُبْسِه، ومعناه أنَّ هذا مِن لِباسِ النِّساءِ وزِينتِهنَّ وأخلاقِهنَّ، فسَألَه عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه: أَغْسِلُهما ممَّا بهما مِن صِبغٍ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «بلْ أَحرِقْهما»؛ وذلك لِزجْرِه وزجْرِ غيرِه عَن مِثلِ هذا الفِعلِ ونَظيرِه
وفي روايةٍ أُخرى عندَ مُسلمٍ بيَّنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الثِّيابَ المُعَصفَرةَ «مِن ثيابِ الكفَّارِ»، الَّذينَ لا يُميِّزونَ بَيْنَ الحرامِ والحلالِ، ولا يُفرِّقونَ في اللِّباسِ بَيْنَ النِّساءِ والرِّجالِ، فلا تَلْبسْها، وقد نُهِينا عن التَّشبُّهِ بهم
قيل: إنَّ النَّهيَ الَّذي في الحديثِ يَتوجَّهُ إلى نَوعٍ خاصٍّ مِن الحُمرةِ، وهي الحُمرةُ الحاصلةُ عن صِباغِ العُصفُرِ؛ لأنَّه صِبغُ النِّساءِ وطِيبِهنَّ، وإلَّا فقدْ ثَبَت في الصَّحيحينِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَبِس حُلَّةً حَمراءَ، وهي نَوعٌ منَ الثِّيابِ تَتكوَّنُ مِن إزارٍ وَرِداءٍ، ولا تكونُ الحُلَّةُ إلَّا مِن ثَوبَينِ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عَن لُبسِ المُعصْفَرِ لِلرِّجالِ