ذكر ما كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وسلم فيه
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي الزبير، عن جابر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له في تور من حجارة»
بَيَّنَ الشَّرعُ المُطهَّرُ لِلنَّاسِ الحَلالَ والحَرامَ مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، وبيْن ما يَسُدُّ الذَّرائعَ إلى المحرَّمِ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه كان يُنتَبَذُ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أي: يُنقَعُ له التَّمرُ أوِ الزَّبيبِ في الماء، والنَّبيذُ: يقَعُ اسْمُه على الشَّرابِ المباحِ غَيرِ المُسكِرِ، «في سِقاءٍ» وهو الوِعاءُ المتَّخَذُ مِن الجِلدِ، فإذا لم يَجِدوا سِقاءً نُبِذَ له في تَوْرٍ، وهو قِدْرٌ مَصنوعٌ مِن الحِجارةِ، فسَألَ بَعضُ النَّاسِ أبا الزُّبَيْرِ وهوَ أَحَدُ رُواةِ الحَديثِ-: مِن بِرامٍ؟ فأجاب: «مِن بِرامٍ» وهو بمعنى: مِن حِجارةٍ. فمُرادُ السائلِ مِن قولِه: «مِن بِرامٍ» أي: هلْ أردْتَ بقولِكَ: «مِن حِجارةٍ» أنَّه مِن بِرامٍ القِدْرِ المعروفةِ عندنا؟ فأجابه نَعمْ
وفي الحديثِ دَليلٌ عَمَليٌّ على نَسْخِ النَّهيِ عن الانتِباذِ في الأوعيةِ الكثيفةِ، كالتَّي تُتَّخَذُ مِن الخشَبِ والقَرْعِ والفَخَّارِ وغيرِها؛ لأنَّ تَوْرَ الحِجارة أكثفُ وأَوْلى بالنَّهي منها، فلمَّا ثبَت الانتباذُ فيه دلَّ على النَّسْخِ، كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَديثٍ آخَرَ عندَ مُسلمٍ: «ونَهَيتُكم عن النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشْرَبوا في الأسقيةِ كلِّها، ولا تَشْرَبوا مُسكِرًا»