فضل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 1
سنن ابن ماجه
حدثنا الحسن بن علي الخلال، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زرعن عبد الله بن مسعود، أن أبا بكر وعمر بشراه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" (1).
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم يَجتهِدون في حَمْلِ ألْوِيَةِ هذا الدِّينِ؛ كلٌّ حسَبَ قُدرتِه، ورُبَّما تميَّز أحَدُهم وتَقدَّم على غيرِه في شأنٍ ما.
وفي هذا الحديثِ يَخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ أبا بكرٍ وعُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما بَشَّراه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: مَن أحَبَّ أن يَقرَأَ القُرآنَ غَضًّا كما أُنزِل فلْيَقْرَأْه على قِراءةِ ابنِ أُمِّ عبدٍ"، والغضُّ هو الطَّرِيُّ مِن كلِّ شيءٍ الَّذي لم يتَغيَّرْ، وقيل: هو الثَّمَرُ أوَّلَ ما يَطلُعُ، والمعنى: أنَّه يَحفَظُه ويَقرَؤُه كما أنزَلَه اللهُ معَ الْتِزامِ أحكامِه وجَمالِ الصَّوتِ، وقيل: أرادَ طريقتَه في القِراءةِ وهيئتَه فيها، وقيل: أراد الآياتِ الَّتي سَمِعها مِنه مِن أوَّلِ سورةِ النِّساءِ إلى قولِه: {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، وبعدَ سَماعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قِراءةَ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، جعَل يقولُ في حقِّه: "سَلْ تُعْطَهْ"، وهذه شَهادةٌ له أنَّ قِراءتَه مَقبولةٌ، ودَعوتَه مُستجابةٌ.
وفي الحديثِ: تَبشيرُ المؤمِنِ بما يَسرُّه.
وفيه: منقبةٌ جليلةٌ وفضلٌ عظيمٌ لابنِ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه، وهو ممَّن حَفِظ القرآنَ وضبَطَه.
وفيه: الحثُّ على التزامِ طَريقةِ ابنِ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه وهيئتِه في قِراءةِ القُرآنِ، وفي التزامِه بأحكامِه .