في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى (وإن تظاهرا عليه) 1
بطاقات دعوية
حديث عمر بن الخطاب عن ابن عباس، قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له؛ حتى خرج حاجا فخرجت معه، فلما رجعت، وكنا ببعض الطريق، عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه فقال: تلك حفصة وعائشة قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك قال: فلا تفعل؛ ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به قال ثم قال عمر: والله [ص:116] إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم؛ قال: فبينا أنا في أمر أتأمره، إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا قال فقلت لها: ما لك ولما ههنا، فيما تكلفك في أمر أريده فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة؛ فقال لها: يا بنية إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم، يا بنية لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها (يريد عائشة)
قال، ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة، لقرابتي منها، فكلمتها؛ فقالت أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه فأخذتني، والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها
وكان لي صاحب من الأنصار، إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر؛ ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب؛ فقال: افتح افتح [ص:117] فقلت: جاء الغساني فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه؛ فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة فأخذت ثوبي فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة له يرقى عليها بعجلة، وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسود على رأس الدرجة؛ فقلت له: قل هذا عمر بن الخطاب، فأذن لي قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مصبوبا، وعند رأسه أهب معلقة؛ فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت؛ فقال: ما يبكيك فقلت: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله فقال: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة