كتاب الصلاة
حدثنا الحسن بن على حدثنا سليمان بن داود الهاشمى حدثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبى رافع عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه فى شىء من صلاته وهو قاعد وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر. قال أبو داود فى حديث أبى حميد الساعدى حين وصف صلاة النبى -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة.
كان الصحابة رضوان الله عليهم يتذاكرون العلم بينهم، وفي هذا الحديث أن أبا حميد الساعدي رضي الله عنه كان في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم أبو قتادة رضي الله عنه، فقال أبو حميد رضي الله عنه موجها الخطاب لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: أكثركم معرفة بتفاصيلها وأجزائها، "قالوا: فلم؟ فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعا"، أي: لم تكن أكثر مجالسة له منا، "ولا أقدمنا له صحبة"؛ لأن قدم الصحبة دليل على كثرة الملازمة وكثرة الحفظ، قال: "بلى"، أي: بلى، أنا أعلمكم، قالوا: "فاعرض"، أي: أظهر لنا ما يثبت أنك أعلمنا، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه"، أي: يرفع يده في تكبيرة الإحرام حتى توازي منكبه في الارتفاع، والمنكب: هو مجتمع رأس الكتف والعضد، "ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه"، أي: يستقر ويثبت "معتدلا"، أي: يرفع يده لحظات باعتدال، "ثم يقرأ"، أي: الفاتحة وما تيسر له من القرآن، "ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ويضع راحتيه"، أي: كفيه، "على ركبتيه، ثم يعتدل"، أي: يعتدل أثناء ركوعه، "فلا يصب رأسه"، أي: يجعل رأسه مستقيما مع ظهره وهو في وضع الركوع فلا ينزله لأسفل، "ولا يقنع"، أي: ولا يرفع رأسه فتعلو ظهره.
قال: "ثم يرفع رأسه"، أي: من الركوع، ويعتدل قائما، "فيقول" بعد ركوعه: "سمع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يهوي إلى الأرض"، أي: ينزل إلى الأرض ليسجد، "فيجافي يديه عن جنبيه"، أي: يباعدهما، وهناك رواية أخرى توضح هيئة السجود وتفصلها، وفيها: " فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابعه القبلة"
وقوله: "فإذا سجد وضع يديه"، أي: على الأرض، "غير مفترش"، أي: لا يضع ذراعيه يفرشهما على الأرض، كالسبع وغيره، "ولا قابضهما"، أي: لا يضمهما إلى جنبه، "واستقبل بأطراف أصابعه القبلة"، أي: وجهها إلى القبلة
قال: "ثم يرفع رأسه"، أي: من السجود ويعتدل جالسا، "ويثني رجله اليسرى"، أي: يفرشها، "فيقعد عليها"، أي: جلسة الاستراحة التي تكون بين السجدتين، "ويفتخ أصابع رجليه إذا سجد"، أي: يلينها ويبسطها بحيث تتجه أطرافها إلى القبلة، "ويسجد"، أي: السجدة الثانية، "ثم يقول: الله أكبر ويرفع رأسه"، أي: من السجدة الثانية، "ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه"، أي: يجلس جلسة خفيفة يتم بها ركعته الأولى، "ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك"، أي: يفعل في الركعة الثانية مثل الذي فعله في الأولى
قال: "ثم إذا قام من الركعتين"، أي: بعد التشهد الأول، "كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته"، يعني: إذا كانت ثلاثية أو رباعية، "حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم"، أي: آخر سجدة في الصلاة، "أخر رجله اليسرى"، أي: لا يجلس عليها، بل يخرجها من تحت رجله اليمنى، "وقعد متوركا على شقه الأيسر"، أي: جلس بوركه الأيسر على الأرض
فقال الصحابة الجلوس لأبي حميد بعدما سمعوا منه عرضه لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقت؛ هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم "، وهذا إقرار منهم له بصواب ما قال