كتاب صلاة الخوف 16
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن المقدام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، قال: أنبأني يزيد الفقير، أنه سمع جابر بن عبد الله، قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت خلفه طائفة وطائفة مواجهة العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجد بهم سجدتين، ثم إنهم انطلقوا فقاموا مقام أولئك الذين كانوا في وجه العدو، وجاءت تلك الطائفة فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجد بهم سجدتين، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم فسلم الذين خلفه وسلم أولئك»
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ، وفي حالِ القِتالِ معَ الكفَّارِ يَصعُبُ على المسلِمِ أنْ يُصلِّيَ الصَّلاةَ التَّامَّةَ؛ ولذلك شرَعَ اللهُ تعالى في حالَةِ الحرْبِ صلاةَ الخوْفِ؛ تَخفيفًا وتيسِيرًا على المسلِمين
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ صالِحُ بنُ خوَّاتٍ عمَّن صلَّى معَ رسولِ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يومَ ذاتِ الرِّقاعِ صَلاةَ الخوْفِ، "أنَّ صلاةَ الخوْفِ"، أي: كيفيَّةَ صلاةِ الخوْفِ، "أنْ يَقومَ الإمامُ وطائفةٌ مِن أصْحابِه" معَه للصَّلاةِ، "وطائفةٌ مواجِهةٌ العَدوَّ"، أي: تقِفُ أمامَ العَدوِّ، "فيَركَعُ الإمامُ" بمَن معَه، "رَكعةً"، أي: رُكوعًا، "ويَسجُدُ"، أي: الإمامُ، "بالَّذين معه" سجْدتَينِ، "ثمَّ يَقومُ"، أي: الإمامُ، فإذا استَوى قائمًا ثبَتَ قائمًا، "وأتَمُّوا لأنفُسِهِمُ الرَّكعةَ الباقيَةَ" في حالِ قيامِ الإمامِ، "ثمَّ سلَّموا" بعدَ تَمامِ الرَّكعتَينِ قبْلَ الإمامِ، "وانصرَفوا" إلى مُواجَهَةِ العَدوِّ، ووَقَفوا أمامَهم، "والإمامُ قائمٌ"، أي: في الرَّكعةِ الثَّانيةِ
قال: "فكانوا"، أي: ذهَبوا، "وِجاهَ العَدوِّ"، أي: جِهةَ العدوِّ، "ثمَّ يُقبِلُ الآخَرون الَّذين لم يُصَلُّوا"، أي: لم يَدخُلوا في صلاةِ الإمامِ، "فيُكبِّرون" تَكبيرةَ الإحرامِ، "وراءَ الإمامِ، فيَركَعُ بهم"، أي: الإمامُ، "ويسجُدُ بهم"، سجدتَينِ، "ثمَّ يُسلِّمُ"، بعدَما يتَشهَّدُ، "فيَقومون"، أي: الطَّائفةُ الثَّانيةُ، "فيَركَعون لأنفُسِهم الرَّكعةَ الباقيةَ"، أي: يُصلُّون الرَّكعةَ الَّتي بقيَتْ عليهم، "ثمَّ يُسلِّمون" بعدَ إتْمامِ الرَّكعةِ الثَّانيةِ برُكوعِها وسُجودِها والتَّشهُّدِ؛ وبذلك يكونُ الجَمِيعُ قد صلَّى رَكعتَين
وهذه إحْدَى الكَيفيَّاتِ المرويَّةِ في صَلاةِ الخوْفِ؛ اتَّفقَتْ كلُّها على أنَّها رَكعتانِ، ولكن اختلَفَت في كيفيَّةِ الصَّلاةِ خلْفَ الإمامِ، وفي كيفيَّة تَسليمِ الإمامِ
وفي الحديثِ: أهميَّةُ الصَّلاةِ وأنَّها لا تَسقُطُ حتَّى في حالِ الحرْبِ