‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه738

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه738

حدثنا وكيع، عن يونس، حدثنا أبو الوداك جبر بن نوف عن أبي سعيد قال: أصبنا حمرا يوم خيبر، فكانت القدور تغلي بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما هذه؟ " فقلنا: حمر أصبناها فقال: " وحشية أو أهلية؟ " قال: قلنا: لا، بل أهلية قال: " اكفئوها " قال: فكفأناها (1)

فَتحَ اللهُ عزَّ وجلَّ على رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمسلِمينَ خَيبرَ في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهجرةِ بعْدَ أنْ تَجمَّعَ بها اليهودُ، فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُؤمِّنَ المدينةَ مِن شَرِّهم.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم في غَزوةِ خَيْبرَ قدْ أَصابوا وأخَذوا يَومئِذٍ «حُمُرًا» جمعُ حِمارٍ، «أهْلِيَّةً» وهيَ الَّتي يُحمَلُ عليها وتُركَبُ بخِلافِ الوَحشِيَّةِ، وكانت خارِجةً مِن قَريةِ خَيبرَ، وكانت مِن جُملةِ ما غَنِموه مِن فتْحِ خَيْبرَ، فأخَذَها الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم ذَبَحوا مِنها وطَبَخوا؛ لِيأكُلوا مِن لَحمِها، وفي هَذا إشارةٌ أنَّهم لم يَسْتأذِنوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذَبْحِها؛ لأنَّهم قدْ أصابَتْهم مَجاعةٌ واحتاجُوا إلى الطَّعامِ، وكانوا قدْ سَبَقوا إليها قبْلَ أنْ يَأتِيَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، «فنادَى مُنادِي رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، ووقَعَ عندَ مُسلمٍ أنَّ الَّذي نادَى بذلك هو أبو طَلْحةَ، ووقَعَ عندَ مُسلمٍ أيضًا أنَّ بِلالًا نادى بذلك، ووَقَع عندَ النَّسائيِّ أنَّ المناديَ بذلك عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ، ولعلَّهم جميعًا نادَوا بذلك إمَّا تِباعًا أو معًا؛ لكيْ يُسمِعوا جميعَ الجيشِ، «ألَا إنَّ اللهَ ورَسولَه يَنْهيانِكُم عنها»، أي: يَنْهيانِكُم عَن أكْلِها، ثمَّ بَيَّن لهم سَببَ النَّهيِ بقولِه: «فإنَّها رِجْسٌ» أي: نَجِسةٌ، كما وقَعَ في رِوايةٍ أُخرى عندَ مُسلمٍ بقولِه: «رِجسٌ أو نَجسٌ» فهي مِن عَملِ الشَّيطانِ؛ وذلك بتَسويلِه وتَزيينِه للنَّاسِ، «فأُكفِئَت القُدورُ» وهي الأواني الَّتي طُبِخ فيها لحمُ الحُمرِ، فقُلِبَتْ وأُكِبَّتْ على أفواهِها «بما فِيها» مِن لَحمٍ، «وإنَّها لَتفورُ»، أي: تَغلي بما فِيها مِن ماءٍ ولَحمٍ، وهذا إشارةٌ إلى قُرْبِ نُضجِها.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن أكْلِ لُحومِ الحَميرِ الأهليَّةِ.
وفيه: إسراعُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم إلى تَلبيةِ أوامرِ اللهِ تَعالَى ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دونَ انتظارٍ أو تَلكُّؤٍ، وهو ما يَنبغِي للمؤمِنِ الحقِّ.