مسند أبي هريرة رضي الله عنه 205
مسند احمد
قرئ على سفيان: سمعت أبا الزناد، يحدث عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب: أنصت، فقد لغيت " [ص:286] قال سفيان: قال أبو الزناد: «هي لغة أبي هريرة»
لصَلاةِ الجُمُعةِ آدابٌ يَنبغي على المسلِمِ مُراعاتُها في هذا اليومِ، ومِن هذه الآدابِ: الإنصاتُ للخطيبِ في خُطبتِه، وقد نَبَّه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ذلك في هذا الحديثِ
فقال: إذا قُلْتَ لصاحبِك يَومَ الجُمُعةِ: أنصِتْ، فتُوجِّهُ غيرَكَ وتَحثُّهُ على الاستِماعِ للخُطبةِ، والإمامُ يَخطُبُ؛ فقد لَغَوْتَ، واللَّغوُ: هو الكلامُ الباطلُ السَّاقطُ، والمعنى: فقدْ جِئتَ بالباطلِ وجِئتَ بغيرِ الحقِّ، وفي هذا نهْيٌ عن جَميعِ أنواعِ الكلامِ حالَ الخُطبةِ، ولو كان ظاهِرُه النُّصحَ للغَيرِ ولو بقليلِ الكلامِ.وإنَّما ذكَرَ هذه اللَّفظةَ «أنصِتْ»؛ لأنَّها لا تُعَدُّ مِن الكلامِ الكثيرِ، وفيها أمرٌ بالمعروفِ، فإذا لم يُبِحْها فأَحْرى وأَوْلى ألَّا يُباحَ ما سِواها ممَّا يَكثُرُ وليس فيه أمرٌ بمَعروفٍ. قيل: إنَّ ذلك النَّهيَ عن التَّوجيهِ يَتعلَّقُ بما إذا كان اللَّغوُ الحاصلُ عارِضًا وسيَنتهي إمَّا ذاتيًّا أو بتَوجيهِ الإمامِ، أمَّا إذا وجَدَ أُناسًا يَتحدَّثون ويَنشغِلون، ولا يَحصُلُ التَّمكُّنُ مِنِ استِماعِ الخُطبةِ إلَّا بإسكاتِهم؛ فإنَّه يُشيرُ إلى المتحَدِّثِ وصاحبِ اللَّغوِ بإشارةٍ يَفهَمُ منها أنْ يَلزَمَ السُّكوتَ، وإذا لم يَندفِعْ بالإشارةِ فله أنْ يُكَلِّمَه بكلامٍ مُختصَرٍ؛ لأنَّ الحِكمةَ التي مِن أجْلِها نُهيَ عن قَولِ «أنصِتْ»: أنْ يَسمَعَ الناسُ الخُطبةَ
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن تَركِ الإنصاتِ للخُطبةِ، والانشغالِ بما دُونَها، ويَستلزمُ ذلك فَضيلةَ السُّكوتِ وقْتَ خُطبةِ الجُمعةِ والاستِماعِ إلى الإمامِ