مسند أبي هريرة رضي الله عنه 399
مسند احمد
حدثنا يزيد، وابن نمير، قالا: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالموت يوم القيامة، فيوقف على الصراط، فيقال: يا أهل الجنة، فيطلعون خائفين وجلين أن يخرجوا - وقال يزيد: أن يخرجوا - من مكانهم الذي هم فيه، فيقال: هل تعرفون هذا؟ قالوا: نعم ربنا، هذا الموت. ثم يقال: يا أهل النار، فيطلعون فرحين مستبشرين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه، فيقال: هل تعرفون هذا؟ قالوا: نعم، هذا الموت. فيأمر به فيذبح على الصراط، ثم يقال للفريقين [ص:509] كليهما: خلود فيما تجدون، لا موت فيه أبدا "
كتَبَ اللهُ عزَّ وجلَّ على أهْلِ الدُّنيا الفناءَ والموتَ، وعلى أهلِ الآخِرةِ الخلودَ والحياةَ الأبديَّةَ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يُؤْتَى بالموتِ يومَ القيامةِ، فيُوقَفُ على الصِّراطِ"، وفي روايةِ مُسلمٍ مِن حديثِ أبي سعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "يُجاءُ بالموتِ يومَ القيامةِ، كأنَّه كبْشٌ أملَحُ، فيُوقَفُ بين الجنَّةِ والنَّارِ"، وذلك بعدَ أنْ يَدخُلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، ويدخُلَ أهلُ النَّارِ النَّارَ، يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فيُقال: يا أهلَ الجنَّةِ"، أي: يُنادي مُنادٍ مِن قِبَلِ اللهِ عليهم لِيَظْهَروا، "فيَطَّلِعون خائفينَ وَجِلِين أنْ يَخرُجوا مِن مكانِهم الَّذي همْ فيه، ثمَّ يُقال: يا أهلَ النَّارِ" وهذا النِّداءُ لجذْبِ الانتباهِ ولَفْتِ الأنظارِ، "فيَطَّلِعون مُستبشرينَ فَرِحين أنْ يَخرُجوا مِن مكانِهم الَّذي هم فيه"، واطِّلاعُهم هنا للنَّظرِ لا الخروجِ ممَّا هم فيه، "فيُقال: هلْ تَعرِفون هذا؟ فيقولون: نعمْ، هذا الموتُ، فيُؤمَرُ به، فيُذبَحُ على الصِّراطِ"، إشارةٌ أنَّه لا موتَ بعدَ الموتةِ الأُولى، "ثمَّ يُقال للفريقينِ كِلاهما"، أي: أهلِ الجنَّةِ، وأهلِ النَّارِ، "خلودٌ فيما تَجِدون، لا موتَ فيها أبدًا"، أي: حياةٌ أبديَّةٌ لأهلِ الجنَّةِ في الجنَّةِ، وذلك زِيادةٌ في نَعِيمِ المؤمنين، وحياةٌ أبديَّةٌ لأهلِ النَّارِ في النَّارِ، وذلك مِن النِّكايةِ في عذابِ الكافرينَ