مسند أبي هريرة رضي الله عنه 635
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، قال: سمعت ابن أكيمة، يحدث [ص:223] عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة جهر فيها بالقراءة، ثم أقبل على الناس بعدما سلم، فقال: «هل قرأ منكم أحد معي آنفا؟» قالوا: نعم يا رسول الله، قال: " إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟ " فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر به من القراءة، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعلِّمًا حكيمًا، ومُربِّيًا حليمًا، فإذا رأى ما يَكرَهُه لم يَزجُرْ ولم يَنهَرْ، وإنَّما يُعلِّمُ بأدبٍ، ويُربِّي بحِكمةٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "انصَرَفَ مِن صلاةٍ"، أي: انتَهى مِن صلاةٍ، "جهَرَ فيها بالقِراءةِ"، أي: صلاةٍ جهريَّةٍ كأنْ تكونَ الفجرَ أو المغربَ أو العشاءَ، فقال: "هل قرَأ معي أحدٌ مِنكم؟"، أي: هل كان أحدٌ مِنكم يَقرَأُ معي أثناءَ الصَّلاةِ وأنا أقرَأُ، "آنِفًا"- أي: مِن قَبْلِ؟ والمقصودُ: في تلك الصَّلاةِ الَّتي سلَّم منها، "فقال رجلٌ: نعَم يا رسولَ اللهِ"، أي: اعترَفَ رجلٌ، وقال: نعَم يا رسولَ اللهِ، أنا الَّذي كنتُ أقرَأُ معك في الصَّلاةِ
"قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنِّي أقولُ"، أي: أقولُ لنَفسي مُتعجِّبًا، "ما لي أُنازَعُ القُرآنَ!"، أي: ما لي أُشارَكُ وأُنافَسُ في قراءةِ القرآنِ؟! "فانتهى النَّاسُ عن القراءةِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: فلم يَقرَأْ أحدٌ مع النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ثانيةً وهو يُصلِّي "فيما جهَر فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالقراءةِ من الصَّلواتِ"، أي: في الصَّلواتِ الجهريَّةِ الَّتي يَجهَرُ فيها الإمامُ بالقراءةِ؛ وهي: الفجرُ، والمغربُ، والعشاءُ، "حين سَمِعوا ذلك مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: عندَما أنكَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِراءتَهم خلفَه، وقال: ما لي أُنازَعُ القرآنَ
وفي الحديث: النَّهْيُ عن القراءةِ خلْفَ الإمامِ
وفيه: الحثُّ على الخُشوعِ والتَّدبُّرِ فيما يُتْلَى في الصَّلاةِ